فإن كل من خوطب باسم فهم فهما ما، ووقف على الشىء الذى يدل عليه الاسم إذا كان عالما باللغة، وأما الحد فلا يقف عليه إلا المرتاض بصناعة المنطق، فالموجودات لها حقائق ...
===
لأن المحدود وهو ما يدل عليه اللفظ ويفهم منه الماهية المجملة، والذى يفهم من الحد الماهية المفصلة، ولا شك أن الماهية المجملة غير نفسها حال كونها مفصلة كما هو ظاهر
(قوله: فإن كل إلخ) هذا من باب التنبيه لا من الدليل، إذ الأمور الواضحة لا يقام عليها دليل، نعم قد ينبه عليها إزالة لما يعرض لها من الخفاء بالنسبة لبعض الأذهان
(قوله: فهم فهما ما) أى: فهم منه الماهية فهما إجماليا فمفعول فهم محذوف
(قوله: ووقف على الشىء الذى يدل عليه الاسم) أى: وقوفا إجماليا وهو تفسير لما قبله؛ لأن فهم الشىء هو إدراكه والوقوف عليه
(قوله: إذا كان عالما باللغة) أى: بوضعها أما غير العالم بوضعها فلا يفهم من الاسم المخاطب به شيئا، فإذا كان عالما بوضع اللغة وخوطب بلفظ الإنسان فهم منه نوعا من الحيوان مخصوصا
(قوله: وأما الحد) المراد به هنا الماهية التفصيلية لا اللفظ الدال عليه بدليل قوله فلا يقف عليه إلخ، وكان المناسب لما قبله أن يقول: والذى يفيده الحد الماهية التفصيلية ولذلك كان لا يقف إلخ، وقوله إلا المرتاض بصناعة المنطق أى: العالم بها المتقن لها؛ وذلك لأن الحد عبارة عن الماهية التفصيلية كما علمت، ولا يعلم الحقائق المفصلة إلا من له إتقان لعلم المنطق لعلم حقيقة الذاتيات أعنى: الجنس والفصل منه، وفيه أن الذاتيات إنما تعرف بالنقل أو بمحض فرض العقل على الأصح، فالارتياض فى صناعة المنطق لا يفيد معرفة ذاتيات الأشياء، وقد يقال المرتاض فى صناعة المنطلق يستخرج للحقيقة أجزاءها الذاتية من الجنس والفصل عند عدم النقل- تأمل.
(قوله: فالموجودات إلخ) الفاء واقعة فى جواب شرط مقدر أى: إذا علمت ما ذكرناه من أنه لا حقيقة للمعدوم ولا ماهية له وأردت الفرق بينه وبين الموجود فنقول لك الفرق بينهما أن الموجودات إلخ، وأراد بالموجودات الأمور التى لها ثبوت فى نفس الأمر لا المتحققة فى الخارج فقط
(قوله: لها حقائق) أى: ماهيات مركبة من الذاتيات ملحوظ باعتبار التحقق فى نفس الأمر وهى حقيقة ذلك الموجود.