أصابهم نصر ورزق يقولوا: هذا من عند الله، وإن أصابتهم محنة تنقص في الرزق أو تخوّف من العدوّ قالوا: هذه من عندك يا محمد بشؤمِ الذي جئتَ به، فإنّك أمرتنا بمعاداة الناس وغير ذلك مما يوجب الضرر؛ فقال الله تعالى: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨)} أي: لا يفقهون القرآن الذي أُرسلتَ به، وما فيه من الخير والهدى والشفاء (١) والبيان، وأنه لا شرَّ فيه (٢).
ثم قال تعالى:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} أي: من نصر ورزق ونحو ذلك {فَمِنَ اللَّهِ} نعمةً أنعم بها عليك. {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ} من خوفٍ ونقص رزقٍ واستيلاء عدوٍّ {فَمِنْ نَفْسِكَ} أي: بذنبك، كما قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى: ٣٠]. وقال تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الأنفال: ٣٣]. وقال تعالى:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران: ١٦٥] ونحو ذلك.
فالمراد بالسيئات والحسنات هنا: النِّعَم والمصائب، كما قال
(١) لم يظهر آخر الكلمة وهكذا استظهرتها. (٢) انظر "معالم التنزيل": (١/ ٥٦٤) للبغوي.