ناظر على هذه العمد التي من حجارة أنّها من خشب، لغلب، لاقتداره على المناظرة.
وقال يونس بن عبد الأعلى: قال الشافعيّ:
ناظرت بعض أهل العراق فلمّا فرغت قال: زلفت يا قرشيّ (١).
وقال أبو ثور: قال الشافعيّ: قال لي الفضل بن الربيع: أحبّ أن أسمع مناظرتك للحسن بن زياد اللؤلؤيّ.
(قال الشافعيّ: ) قلت: ليس اللؤلؤيّ في هذا الحدّ، لكن أحضر بعض أصحابي حتى يكلّمه بحضرتك.
قال: ذاك لك.
(قال أبو ثور: ) فحضر الشافعيّ، وأحضر معه رجلا من أصحابنا كوفيّا كان ينتحل قول أبي حنيفة فصار من أصحابنا. فلمّا دخل اللؤلؤيّ أقبل الكوفيّ عليه، والشافعيّ حاضر، بحضرة الفضل بن الربيع، فقال: إنّ أهل المدينة ينكرون على أصحابنا بعض قولهم، وأريد أن أسأل مسألة من ذلك.
فقال اللؤلؤيّ: سل!
فقال له: ما تقول في رجل قذف محصنة وهو في الصلاة؟
فقال: صلاته فاسدة.
فقال له: فما حال طهارته؟
قال: طهارته بحالها، ولا ينقض قذفه طهارته.
قال له: فما تقول إن ضحك في صلاته؟
قال: يعيد الطهارة والصلاة.
قال: فقذف المحصنة أيسر من الضحك فيها؟
فقال له: وقفنا في هذا.
ثمّ وثب ومضى، فاستضحك الفضل. فقال له الشافعيّ: ألم أقل لك إنّه ليس في هذا الحدّ؟
*** وعن سعيد بن حاجب: بينما بشر المريسي والشافعيّ يتناظران إذ قال الشافعيّ: هذا كلام تحته معنيان- وكرّر هذه اللفظة.
فقال له بشر: إلى متى تقول: هذا كلام تحته معنيان؟ جعلك الله جرذانة (٢) تحت خصى فرعون وهامان!
فغضب الشافعيّ وقال: والله ما يمنعني عن جوابك إلّا ضنّي بعرضي لمثلك يا زنديق! أما علمت أنّ الاستعجال في الكلام فلتات تعتري بعض الأغتام؟
وقال أبو ثور: سمعت الشافعيّ يقول: ناظرت بشرا المريسيّ في القرعة.
فقال: القرعة قمار.
فذكرت ما دار بيني وبينه [١٦٣ أ] لأبي البختريّ، وكان قاضيا، فقال: ائتني بآخر يشهد معك حتّى أضرب عنقه.
وسمعت الشافعيّ يقول: قلت لبشر: ما تقول في رجل قتل وله أولياء صغار وكبار: هل للكبار أن يقتلوا دون الأصاغر؟
فقال: لا.
فقلت: فقد قتل الحسن بن عليّ عبد الرحمن بن ملجم، ولعليّ أولاد صغار؟
فقال: أخطأ الحسن بن عليّ.
فقلت له: أما كان جواب أحسن من هذا اللفظ؟
(١) حاشية في الهامش: زلفت: قربت من أفهامهم- لفصاحته.
(٢) الجرذانة: الفأرة (دوزي).