نعلمه من الحق تفصيلًا وإجمالًا , وإلهامنا له , وجعلنا مريدين لإتباعه ظاهرًا وباطنًا , ثم خلق القدرة لنا على القيام بموجب الهدي بالقول والعمل , ثم إدامه ذلك لنا وتثبيتنا عليه إلى الوفاة. قال: ومن هنا يعلم اضطرار العبد إلى السؤال هذه الدعوة فوق كل ضرورة» وبطلان قول من يقول: إذا كنا مهتدين فكيف نسال الهداية؟ فان المجهول لنا من الحق أضعاف المعلوم , وما لا نريد فعله تهاونًا وكسلا مثل ما نريده , أو أكثر منه , أو دونه , وما لا نقدر عليه مما نريده - كذلك , وما نعرف جملته ولا نهتدي لتفاصيله فأمر يفوت الحصر , ونحن محتاجون إلى الهداية التامة , فمن كملت له هذه الأمور كان سؤال الهداية له سؤال التثبيت والدوام».
وقال ابن كثير (١): «فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله في تثبيته على الهداية ورسوخه فيها وتبصره وازدياده منها واستمراره عليها. كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ}(٢).
وقال السعدي (٣): «اهدنا إلى الصراط المستقيم, وإهدنا في الصراط, فالهداية إلى الصراط لزوم دين الإسلام وترك ما سواه من الأديان, والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علمًا وعملًا».
(١) ي «تفسيره» ١: ٥٦ - ٥٧. (٢) سورة النساء , الآية: ١٣٦. (٣) في «تفسيره» ١: ٣٦.