فأجاب بالشق الأخير. و (السجال) بكسر المهملة جمع سجل بفتحها، و (الحرب) اسم جنس فصح الإخبار عنه بالجمع، أشار أبو سفيان بذلك إلى ما وقع بينهم في غزوة بدر، وغزوة أحد، وقد صرح بذلك أبو سفيان يوم أحد في قوله: يوم بيوم بدر والحرب سجال، وقيل: وكذلك يوم الخندق أصيب من الطائفتين ناس قليل.
وقوله:(يصيب منا ونصيب منه) هذا اللفظ يحتمل معنيين، أحدهما: يبلينا بالمصيبة ونبليه كما جاء في الحديث: (من يرد اللَّه به خيرًا يصب منه)(٢) أي: أبلاه بالمصائب، وثانيهما: أنه يصيب البلاء من جانبنا ونصيبه من جانبه على عكس المعنى الأول، والمآل واحد، والظاهر هو الأول من مثل هذه العبارة كما ذكرنا، وفي رواية: ينال منا وننال منه.
وقوله:(في هذه المدة) أي: مدة الصلح.
وقوله:(قال) أي: أبو سفيان: (ما أمكنني أن أدخل فيها) أي: في الكلمات التي قلت في صفات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مما يشير إلى نسبة نقص إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- غير هذه الكلمة، فإنها يشير إلى احتمال وقوع العذر منه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(١) بالتأنيث ويذكر، قاله القاري (٩/ ٣٧٥٣). (٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٥٦٤٥)، ومالك في "الموطأ" (١٩٧٨).