ولقد استدل ابن خزيمة بهذا الحديث على ثبوت الشفاعة العظمى لأهل الموقف لأجل الحساب.
النوع الثاني: الشفاعة في استفتاح باب الجنة لأهلها:
جاء في صحيح مسلم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَا أَوَّلُ شَفِيعٍ فِي الجنَّةِ، لَمْ يُصَدَّقْ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَا صُدِّقْتُ، وَإِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيًّا مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ»(١).
وفي مسلم أيضًا عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آتِي بَابَ الجنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتفْتِحُ، فَيَقُولُ الخازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ»(٢).
وهذان الحديثان ونحوهما تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أول الشفعاء لأهل الجنة في دخولها.
ومن هذا الوجه فإن هذا النوع من الشفاعة خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن هذه الشفاعة والتي قبلها:«وهاتان الشفاعتان خاصتان له - صلى الله عليه وسلم -»(٣).
وكما أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أول من يستفتح باب الجنة فيفتح له، كما تقدم، فإن أول من يدخل الجنة من الأمم أمته - صلى الله عليه وسلم -، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجنَّة ... »(٤).
(١) صحيح مسلم (١/ ١٨٨) رقم (١٩٦). (٢) صحيح مسلم (١/ ١٨٨) رقم (١٩٧). (٣) مجموع الفتاوى (٣/ ١٤٧). (٤) صحيح مسلم (٢/ ٥٨٥) رقم (٨٥٥).