الغنيمة يُعيَّنُ مُستحقُّوها -وهم الغانمون-، فلم يَجُز إخراج شيءٍ من ذلك عنهم، والخمس مصروفٌ إلى اجتهاد الإمام في التعيين، فكان ذلك منه.
وقولٌ ثانٍ: إنه لا يكون في الخُمس نفلٌ، وإنما يكون في أربعة الأخماس بعد إخراج الخمس، ثم يقسم ما بقي على الجيش، وهو قول أحمد بن حنبل،
= ورواه مالك في «الموطأ» (١/٢٩٠ رقم ٥٢٣-ط. دار إحياء التراث العربي) ، -وسقط من مطبوعه: الأعرج-، وعنه الشافعي في «الأم» (٤/١٥٠) . وذكره ابن عبد البر في «الاستذكار» (١٤/ ١٦٣-١٦٤) ؛ عن مالك عن أبي الزناد، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: «كان الناس يعطون من الخمس» . وقال: قال مالك: «وذلك أحسن ما سمعت في ذلك» . ثم قال: يدل على أنه قد سمع غير ذلك. وأخرجه من طريق مالك: البيهقي في «الكبرى» (٦/٣١٤) . وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٥/١٩٢ رقم ٩٣٤٢) ، وسعيد بن منصور في «سننه» (٣/٣٠٨ رقم ٢٧٠٦) ؛ كلاهما عن سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: «ما كانوا ينفّلون إلا من الخمس» . ورجاله ثقات. وأخرجه عبد الرزاق (٥/١٩٢ رقم ٩٣٤٤) عن خالد بن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، به. وقد حمل الشافعي وغيره: الخمس الوارد في هذه الرواية على أن المراد به: خمس الخمس. قال في «الأم» (٤/١٥٠) : «قول ابن المسيب: يعطون النفل من الخمس، كما قال إن شاء الله، وذلك من خمس النبي - صلى الله عليه وسلم -» . قلت: روى عبد الرزاق في «المصنف» (٥/١٩١-١٩٢ رقم ٩٣٤١) ؛ عن إبراهيم بن يزيد، عن داود بن أبي عاصم، عن سعيد بن المسيب، قال: «لا نفل في غنائم المسلمين، إلا في خمس الخمس» . وشيخ عبد الرزاق: إبراهيم بن يزيد: هو القرشي الأموي، يُعرف بالخُوزِيِّ: متروك. كما قال الحافظ في «التقريب» (٣٠٣) -وسيأتي قريباً-. وانظر: «شرح الزرقاني على موطأ مالك» (٣/٢٦) ، «الحاوي» (٩/ باب النفل) ، «فقه سعيد بن المسيب» (٤/١٧٤) . ولسعيد بن المسيب رواية ثانية تخالف الأولى، وهي أن النفل كان من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس لأحد بعده أن يعطي أحداً من الغنيمة أكثر من سهمه. روى الطبري في «تفسيره» (٩/١١٩) بسنده إلى سعيد: أنه أرسل غلامه إلى قومٍ سألوه عن شيءٍ، فقال: «إنكم أرسلتم إليَّ تسألوني عن الأنفال، فلا نفل بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» . وروي نحو ذلك عن عمرو بن شعيب. انظر: «المغني» (١٠/٤٠٩) .