قيل: البويرة: اسم المكان الذي قطع وحرق، وفي ذلك يقول حسَّان:
وهان على سراةِ بني لُؤَيٍّ ... حريقٌ بالبُويرةِ مُسْتَطيرُ
فنقول: النكاية في العدو، والنيل منهم على ثلاثة أقسام؛ منها جائزٌ باتفاق، ومنها محظور باتفاق، ومنها مختلفٌ فيه.
فأما الجائز باتفاق (١) ، فقتل مُقَاتَلَتِهِم في الزحف، وسَلْبُ أموالهم، ووطء بلادهم، وسَبْيُ أبنائهم وذراريهم، والإسار بعد الإثخان، على خلافٍ في استحياء الأسرى بعدُ أو قَتلهم، والدليل على هذا: ما تقدم من الكتاب والسُّنة، ولا خلاف فيه.
وأما المحظور باتفاق (٢) : فقتلُ النساء والصبيان، حيث لا يضطرُّ إلى ذلك، إمَّا في البيات أو المدافعة حال القتال، والدليل على هذا: قوله -تعالى-:
= وأخرجه البخاري في كتاب المغازي (باب حديث بني النضير، ومخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم في دية الرجلين) (رقم ٤٠٣٢) وفيه -بعد شعر حسَّان فيهم-، قال: فأجابه أبو سفيان بن الحارث.
أدام الله ذلك من صَنيعٍ ... وحرَّق في نواحيها السَّعيرُ سَتَعْلَمُ أيُّنا منها بِنُزْهٍ ... وتَعْلَمُ أيُّ أَرْضَيْنا تَضيرُ
وشعر حسّان في «ديوانه» (ص ٢٤٧- ط: دار الكتاب العربي) . وسراة بني لؤي: أي: خيارهم. والبويرة: موضع بني قريظة. (١) قال ابن رشد في «بداية المجتهد» (١/٣٨٦) : «يجوز في الحرب قتل المشركين الذكران البالغين المقاتلين، وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين» ، وانظر -غير مأمور-: «المبسوط» (١٠/٥) ، «بدائع الصنائع» (٦/٦٤) ، «الذخيرة» (٣/٣٩٩) ، «روضة الطالبين» (١٠/٢٤٣) ، «كشاف القناع» (٢/ ٣٧٨) -وعبارته: «لا نعلم خلافاً أن من قاتل ممن ليس آهلاً للقتال، فإنهم يقتلون» -، «الشرح الممتع» (٨/٢٧) ، «المحلى» (٥/٣٤٧) . (٢) قال النووي في «شرح صحيح مسلم» (١١/٢٩٢) : «أجمع العلماء على تحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا» ، وقال ابن رشد في «بداية المجتهد» (١/٣٨٦) : «ولا خلاف بين المسلمين أنه لا يجوز قتل نسائهم ولا صبيانهم، ما لم يقاتل الصبي والمرأة» . وانظر: «المبسوط» (١٠/٥) ، «فتح القدير» (٥/٢٠٢) ، «المعونة» (١/٦٢٤) ، «روضة الطالبين» (١٠/٢٤٣) ، «كشاف القناع» (٢/٣٧٧) ، «المحلى» (٥/٣٤٧) .