ومال المتولي إلى منع بيع الحامض بالحامض؛ لأنه ليس على حالة الادخار، ولا على حالة كمال المنفعة؛ فليكن كبيع الدقيق بالدقيق.
وإن كان كالرُّطب الذي لا يُتْمِر، والعنب الذي لا يجيء منه زبيب، فهل يجوز بيع بعضه ببعض؟ ففيه القولان اللذان تقدم ذكرهما في الخضراوات، والمنصوص عليه منها في "الأم" قول المنع، وبه جزم بعضهم، واختيار ابن سريج- كما حكاه الماوردي -: الجواز.
وما تجفف على بذور كالخوخ والمشمش ونحوهما، هل يجوز بيع بعضه ببعض؟ حكى المراوزة فيه ثلاثة أوجه، ثالثها: المنع رطباً ويابساً، وبالمنع أجاب القاضي أبو الطيب في الخوخ في حالة الرطوبة، وهو الأصح في الجميع عند غيره.
قال الإمام: "ولم يجوِّز أحد من الأئمة بيعه رطباً ويمنع منه جافاً. نعم، حكى ذلك في الرطب الذي إذا جفف، لم يبق فيه انتفاع [يحتف به]؛ فتجتمع فيه أربعة أوجه: هذا، والأوجه الثلاثة المنقولة في المشمش والخوخ.
فرع: الجبن إذا يبس هل يجوز بيع بعضه ببعض؟ فيه قولان:
أحدهما - رواه حرملة -: أنه يجوز وزناً، وبه قال أبو إسحاق.
والثاني - رواه الربيع، وهو الصحيح -: أنه لا يجوز. واختلف في تعليله، فقال ابن سريج: ["لأن أصله الكيل، وهو فيه متعذر"، وقال غيره:"لأن فيه إنفحة"، فعلى قول ابن سريج] لو دق حتى أمكن كيله يجوز، وعلى قول غيره لا، حكاه في "الحاوي".
قال: ولا رطبه بيابسه" كبيع الرطب، أو البسر، [أو البلح] بالتمر والعنب أو الحصرم بالزبيب.
وقد استدل لذلك بما روى الدارقطني بسنده عن ابن عمر قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ وفي سنده موسى وهو ضعيف [ورجل