وقد حفلت مجالس التحديث والمذاكرة بهذا النوع من المراجعات، فأضفى ذلك على جهدهم رونقا وبهاء.
وفوق ذلك -وهو أمر بالغ الأهمية- تسليم الرواة بذلك واستسلامهم له، فاستعدوا للمخالفة، وصارت هاجسهم في كل حين، وصدر عنهم كلمات كثيرة تنبئ عن هذه الحال، مثل قول شعبة:«إذا خالفني سفيان في الحديث فالحديث حديثه»(١).
وقال حماد بن زيد:«ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة، لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة، يعاود صاحبه مرارا، ونحن كنا إذا سمعناه مرة اجتزينا به»(٢).
وقال أحمد:«كان حماد بن زيد لا يعبأ إذا خالفه الثقفي، ووهيب، وكان يهاب -أو يتهيب- إسماعيل بن علية إذا خالفه»(٣).
وقال يحيى بن سعيد القطان:«ما بالبصرة، ولا بالكوفة، ولا بالحجاز، أثبت من معاذ بن معاذ، وما أبالي إذا تابعني من خالفني»(٤).
وقال أيضا: «طلبت الحديث مع رجلين من العرب: خالد بن الحارث بن