لكن ينبغي أن يقيد هذا بشرط، وهو ألا يكون المسجد قريبًا من المسجد الأكثر جماعةً، فإن كان قريبًا منه بحيث يسهل على أهله أن يصلوا في المسجد الأكثر جماعة فقد يقال: إن الأفضل أن يجتمع المسلمون في مسجد واحد، وإن هذا أولى من التفرق؛ لأنه كلما اجتمع المسلون فهو أفضل لا شك، فإذا قدر أن هذا المسجد قديم ينتابه خمسة أو عشرة من الناس، وحولهم مسجد يجتمع فيه جمع كثير، ولا يشق على أهل المسجد القديم أن يتقدموا إلى المسجد الآخر، فربما يقال: إن الأفضل أن ينضموا إلى المسجد الآخر، وأن يجتمعوا فيه؛ لأنه كلما كثرت الجماعة فهو أفضل.
قال المؤلف:(ثم ما كان أكثر جماعة) يعني لو قدر أن هناك مسجدين، أحدهما أكثر جماعة من الآخر، فالأفضل أن يذهب إلى الأكثر جماعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ»(٣)، وهذا عام، فإذا وجد مسجدان: أحدهما أكثر جماعة من الآخر، فالأفضل أن تصلي مع من هو أكثر جماعة.
قال:(ثم المسجد العتيق) يعني القديم أولى من الجديد؛ وذلك لأن الطاعة فيه أسبق، فكان أولى بالمراعاة من الجديد، لكن هذا يأتي في أي مرتبة؟
طلبة: الرابعة.
الشيخ: الرابعة، هذا في المرتبة الرابعة، يعني: إذا صار عندك مسجدان يتساويان في الجماعة، لكن أحدهما قديم، والثاني عتيق، فالأفضل العتيق، وهذا باعتبار المكان. وعللوا ذلك بأن الطاعة فيه أسبق فيكون هذا المكان معمورًا بطاعة الله قبل أن يعمر الجديد.