للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: يحتمل أمرين؛ الأمر الأول: دَفْع تَوهُّم بُطلان صلاة المنفرد بلا عُذر؛ حيث إنه قال: إنها واجبة، والمعروف أن الواجب إذا تركه الإنسان عمدًا بطلت صلاته.

الاحتمال الثاني: دفع قول من يقول: إنها شرط، والذي قال: إنها شرط لصحة الصلاة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن عقيل، وكلاهما من الحنابلة، وهو رواية عن الإمام أحمد.

وعلى هذا القول: لو صلَّى الإنسان منفردًا بِلا عُذر شرعي فصلاته باطلة، كما لو ترك الوضوء مثلًا.

إذا قال قائل: لا بد أن تُبيّنوا لنا الدليل الذي تمسك به من قال: إنها شرط للصحة.

فنقول: استدل هؤلاء بأن الجماعة واجبة للصلاة، توعَّد النبي صلى الله عليه وسلم على مَنْ تركها بأنه هَمَّ أن يُحرِّق عليهم بيوتهم بالنار، وإذا كانت واجبة فالقاعدة الشرعية أن من ترك واجبًا في عبادة بلا عُذر؛ فإن تلك العبادة تبطل، هذه القاعدة الشرعية، فإذا أقررت بأنها واجبة للصلاة لزمك أن تقول ببطلان صلاة من ترك هذا الواجب، ولكن هذا القول ضعيف، ويُضعِّفه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» (٢٨).

والمفاضلة تدل على أن الْمُفضَّل عليه فيه فضل، أو لا؟ ويلزم من وجود الفضل فيه أن يكون صحيحًا؛ لأن غير الصحيح ليس فيه فضل، بل فيه إثم، وهذا دليل واضح على أن صلاة الفذ صحيحة، ضرورة أن فيها؟ أتموا.

طلبة: فضل.

طالب آخر: إثم.

الشيخ: صحيحة، ضرورة أن فيها فضلًا؛ إذ لو لم تكن صحيحة لم يكن فيها فضل، لكنه آثِم، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله- أجاب بأن هذا الحديث في حق المعذور؛ يعني: من صلَّى مُنفردًا لعُذر، فصلاة الجماعة أفضل من صلاته بسبع وعشرين درجةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>