وقال: رأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقَّبوا بها أهل السنة - ولا يلحقهم شيء منها فضلًا من الله ومنةً - سلكوا معهم مسلك المشركين الملعونين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم اقتسموا القول فيه، فسمّاه بعضهم ساحراً، وبعضهم كاهناً، وبعضهم شاعراً، وبعضهم مجنوناً، وبعضهم مفتوناً، فكان - صلى الله عليه وسلم - من تلك المعائب بعيداً بريئاً، ولم يكن إلا رسولاً نبياً، وأنزل الله - عز وجل -: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا}[الإسراء: ٤٨]، [الفرقان: ٩].
وكذلك المبتدعة - خذلهم (١) الله - اقتسموا القول في حملة أخباره، ونقلة آثاره، ورواة أحاديثه المهتدين (٢)، والمقتدين به، المعروفين: بأصحاب الحديث، فسمّاهم بعضهم حشوية، وبعضهم مشبهة، وبعضهم مجبرة، وبعضهم نابتة (٣) وناصبة، وأصحاب الحديث [مصانة](٤) من هذه المعائب بريئة نقية تقية، وليسوا إلا أهل السنة المضية، والسيرة المرضية، [والسبل](٥) المستوية، والحجج البالغة القوية، قد وفقهم الله تعالى لاتباع كتابه، ووحيه، وخطابه، وجعلهم من أتباع أقرب أوليائه إليه، وأكرمهم وأعزهم عليه، وشرح صدورهم
= الخوارج بفرقهم المختلفة، والرافضة تطلق هذا الاسم على من أحب أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - فأهل السنة عند الرافضة (نواصب). انظر: لسان العرب (١/ ٧٦١)، ومجموع الفتاوى (٣/ ٧٢ - ٧٣)، (٢٥/ ٣٠١) ووسطية أهل السنة بين الفرق للدكتور محمد باكريم (ص ١٣٦). (١) في (ظ) و (ن): (خدلهم). (٢) في (ظ) و (ن): (والمهتدين المقتدين به). (٣) في (ظ) و (ن): (ثابتة). (٤) في (ص) و (ن): (عصابة)، وفي (ظ) ما أثبته. (٥) في (ص): (السبيل)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.