تبين [للصحابة](١) أنه أحقُّ الناس بالخلافة بعد وفاته، فلذلك أجمعوا على خلافته، وانتفعوا، وارتفقوا (٢)، وارتفعوا به، وعزّوا، وعلوا بسببه؛ حتى قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: (والله الذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استخلف ما عبد الله، فقيل له: مَهْ يا أبا هريرة ما تقول؟)(٣)، فأقام الحجة، وأوضح المحجة حتى صدقوه فيه، وشهدوا له بما ذكره فيه (٤).
ومما استدل به أبو بكر - رضي الله عنه - على الأنصار في تقديم المهاجرين عليهم ما قاله في خطبته التي خطبها عندهم:(نحن الصادقون وأنتم المفلحون، والله جعل المفلحين مع الصادقين)(٥)، أما وصف (٦)
(١) في (ص): (الصحابة)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته. (٢) ارتفقوا: جمع ارتفق، والرفق هو: اللطف وحسن الصنيع، وأرفقه: رفق به ونفعه، يقال: رفقت أرفق، وارتفق الرجل: إذا اتكأ على مرفقه؛ لأنه يستريح في الاتكاء عليه، والرفق بالكسر ما استعين به، واللطف: رَفَقَ به. انظر: معجم مقاييس اللغة (٢/ ٤١٨)، ولسان العرب (١٠/ ١١٨ - ١٢١). (٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٢/ ٦٠) من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة بلفظه مطولاً جدًّا. وذكره الصابوني في عقيدة السلف (ص ٢٩١)، والسيوطي في تاريخ الخلفاء (ص ٧٣). (٤) من بداية الفصل وإلى قوله: (.... وشهدوا له بما ذكره فيه) نقله المؤلف بتصرف يسير من عقيدة السلف (ص ٢٩٠ - ٢٩١). (٥) أخرجه الواقدي في كتاب الردة (ص ٣٦) ولفظه: (فلما فرغ ثابت بن قيس من كلامه أقبل عليه أبو بكر فقال: يا ثابت أنتم لعمري كما وصفت به قومك، لا يدفعهم عن ذلك دافع، ونحن الذين أنزل الله فينا: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: ٨]، في كتاب الله - عز وجل -، وقد أكرمكم الله أن تكونوا الصادقين لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩]. والنص الذي نقله المصنف مأخوذ عن ابن العربي المالكي كما في العواصم من القواصم (ص ٤٤ - ٤٥) ولم يعزه ابن العربي لمصدر. (٦) في (ظ): (وصفهم).