الثالث: أنه يمين يكفَّر عنه بكفارة اليمين سواء نوى الطلاق أو غيره:
وهو مذهب الأوزاعي وأبي ثور وبه قال أبو بكر وعمر وابن عباس وعائشة وزيد بن ثابت وابن مسعود وغيرهم (١)، وحجة هذا القول:
١ - قوله تعالى:{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ... قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}(٢).
٢ - وسبب نزول الآية: تحريم النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه احتباسه عند بعض نسائه وشرب العسل.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلًا عند زينب بنت جحش ويمكث عندها، فتواطئت أنا وحفصة أن أيَّتُنَا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير (٣)؟ قال:"لا، ولكني كنت أشرب عسلًا عند زينب بنت جحش فلن أعود، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدًا"(٤).
وفي لفظ للبخاري: فنزلت {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ...}(٥).
٣ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"إذا حرَّم الرجل امرأته، فهي يمين يكفِّرها، وقال:{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}(٦) "(٧).
الرابع: أنه لغو وباطل ولا يترتب عليه شيء لا طلاق ولا يمين:
وهو قول الظاهرية وأكثر أصحاب الحديث وأحد قولي المالكية وهو مروي عن ابن عباس وحجتهم ما يلي:
١ - حديث عائشة السابق، قال الحافظ:"واستدل القرطبي وغيره بقوله: (حلفت) فتكون الكفارة لأجل اليمين لا لمجرد التحريم، وهو استدلال قوي لمن يقول: إن التحريم لغو لا كفارة فيه بمجرده، وحمل بعضهم قوله:(حلفت) على التحريم ولا يخفى بُعده" اهـ.
(١) «المحلي» (١٠/ ١٢٤ - ١٢٨٧)، و «نيل الأوطار» (٦/ ٣١٣) وما بعدها. (٢) سورة التحريم: ١، ٢. (٣) جمع مغفور: وهو صمغ حلو له رائحة كريهة (الفتح (٩/ ٢٩٠) - سلفية). (٤) صحيح: أخرجه البخاري (٤٩١٢)، ومسلم. (٥) سورة التحريم: ١. (٦) سورة الأحزاب: ٢١. (٧) صحيح: أخرجه مسلم بهذا اللفظ (١٤٧٣).