إلَّا الأَسْماءُ" (١)؛ كذلك بالنسبة للزمَن، فالزمَن قليل جِدًّا، ولا يُنسَب أيضًا، يَعنِي: لا يُنسَب إلى زمَن الآخِرة الأَبَديِّ.
وقد بيَّنَ اللَّه تعالى في آية أُخرى صِفة هذا التَّمتيعِ، وقال جلَّ ذِكْرُه:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ}[محمد: ١٢]، ثُمَّ النَّارُ مَثوًى لهم، هذا صِفة هذا التَّمتُّعِ، فهم شَهْوانيُّون ليس لهم إلَّا شَهْوة البَطْن وشَهْوة الفَرْج، كما تَفعَل الأنعام تمامًا.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}: {ثُمَّ} يَعنِي: بعد هذا التَّمتيعِ القليل نَضطرّهم في الآخِرة إلى عَذاب غَليظ، وهو عذاب النار، ولا يَجِدون عنه مَحيصًا، فقوله تعالى:{نَضْطَرُّهُمْ} يَعنِي: نُلجِئُهم، قال تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ}[النحل: ١١٥] يَعنِي: فمَنْ ألجئ، وأَصلُه مَأخوذ من الإِلجْاء إلى الضرَر؛ لأنَّ (نَضْطَرّ) أصلها (نَضْتَرُّ)، ولهذا كل شيء يُلجِئ الإنسانَ يُسمَّى ضَرورة، لأنه يُلجِئه إلى هذا الشيءِ.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}؛ لأنهم هم لا يُريدونه، فلا يُريدون النار، ولا يُريدون هذا العذابَ، لكنهم يُجبَرون عليه -والعِياذُ باللَّه-، لأنهم عمِلوا أَسبابه.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{نَضْطَرُّهُمْ} في الآخِرة] المُراد بالآخِرة يوم القِيامة، ويَدخُل فيه القبر، ولهذا قال شيخ الإسلام ابنُ تيميَّةَ (٢) رَحِمَهُ اللَّهُ في العَقيدة الواسِطية:
(١) أخرجه الطبري في تفسيره (١/ ٤١٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ٦٦)، وأبو نعيم في صفة الجنة رقم (١٢٤). (٢) العقيدة الواسطية (ص ٩٥).