وجماهير النظار، كان يخالفهم فيه كثر من أصحابهم الأشاعرة وغاية قولهم- إن كان صحيحا- أن يكون وصف سلوك لطائفة معينة، أما أن يكون ذلك وصفا لجميع بني آم وأنه لا يحصل لهم العلم إلا بهذه الطرق التى يذكرونها- كما فعله كثير من المتصوفة والفلاسفة وغيرهم- فهو قول باطل لا دليل عليه (١) .
[ثانيا: التوحيد عند الأشاعرة وحقيقة التوحيد الدي دعت إليه الرسل]
وهذا من أهم الأبواب التي غلط فيها أهل الكلام- وفيهم الأشاعرة- وصار كلامهم فيه مشتملا على قليل من الحق وكثير من الباطل، ولاشك أن أسس الإسلام وقاعدته توحيد الله وحده لا شريك له.
والتوحيد والواحد والأحد عند الأشاعرة يشمل ثلاثة أمور:
١- أن الله واحد في ذاته لا قسيم له.
٢- وأنه واحد في صفاته لا شبيه له.
٣- وأنه واحد في أفعاله لا شريك له (٢) .
وأشهرها عندهم وأقواها دلالة على التوحيد النوع الثالث، وبه يفسرون معنى "لا إله إلا الله". والألوهية- عندهم- هي القدرة على الاختراع والخلق، فمعنى لا إله إلا الله لا خالق الا الله (٣) .
ولما في هذا الكلام من القصور والتحريف والباطل فقد رد علهم شيخ الإسلام طويلا، وذلك من خلال بيان ما يلي:
(١) انظر: درء التعارض (٨/١٧-٢١) . (٢) انظر في ذلك من كتب الأشاعرة: مجرد مقالات الأشعري لابن فورك (ص: ٥٥) ، ورسالة الحرة للباقلافي- المطبوعة كاسم الإنصاف- (ص: ٣٣-٣٤) ، والاعتقاد للبيهقي (ص: ٦٣) ، وشرح أسماء الله الحسنى للقشيري (ص: ٢١٥) ، والشامل (ص: ٣٤٥-٣٤٨) " والإرشاد (ص: ٥٢) ، ولمع الأدلة (ص: ٨٦) ، وإحياء علوم الدين (١/٣٣) ، والاقتصاد في الاعتقاد (ص: ٤٩) ، ونهاية الأقدام (ص: ٩٠) وغيرها. (٣) انظر: أصول الدين للبغدادى (ص: ١٢٣) ، والملل والنحل للشهرستاني (١/١٠٠) ، ومجرد مقالات الأشعري (ص: ٤٧) .