السبكي مدافعاً فيها عن شيوخه من الأشاعرة، وإنما القصد الاستشهاد بأقوال الذين دافعوا عن الرازي وفلسفته، وكان منهم ابن خلكان الذي قال عنه بعد تعداده لمؤلفاته:" وكل كتبه ممتعة، وانتشرت تصانيفه في البلاد، ورزق فيها سعادة عظيمة، فإن الناس اشتغلوا بها ورفضوا كتب المتقدمين، وهو أول من اخترع هذا الترتيب في كتبه: وأتى فيه بما لم يسبق إليه "(١) ،
كما دافع عنه أبو حيان والصفدي وأبو شامة (٢) .
أما الذين انتقدوه فكثيرون جداً، منهم ابن جبير الذي قال عنه في رحلته - كما نقل الصفدي -: " دخلت الري فوجدت ابن خطيبها قد التفت عن السنة وشغلهم بكتب ابن سينا وأرسطو "(٣) ، ونقل أبو شامة أن الشناعات عليه قائمة بأشياء منها " أنه كان يقول: قال محمد التازي (٤) يعني العربي: يريد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال محمد الرازي، يعني نفسه، ومنها أنه كان يقرر في مسائل كثيرة مذاهب الخصوم وشبههم بأتم عبارة فإذا جاء إلى الأجوبة اقتنع بالإشارة "(٥) ، ثم مدحه ودافع عنه، وقال في بعض المغاربة:" يورد الشبه نقداً، ويحلها نسيئة "(٦) ، وقال الطوفي الصرصري المتوفى سنة ٧١٦هـ: " وأجمع ما رأيته من التفاسير لغالب علم التفسير كتاب القرطبي، وكتاب مفاتيح الغيب، ولعمري كم فيه من زلة وعيب، وحكى لي الشيخ شرف الدين
(١) وفيات الأعيان (٤/٢٤٩) ، ونقله عنه الذهبي تاريخ الإسلام (١/١/٢٣٥) ، مطبوع.. (٢) انظر: كلام أبي حيان والصفدي في الوافي (٤/٢٤٨-٢٥٢) ، أما كلام أبي شامة فهو في ذيل الروضتين - قاله بعد ذكر ما وجه إلى الرازي من نقد - وذكر أنه التقى ببعض تلاميذه انظر: الذبل (ص: ٦٨) . (٣) الوافي (٤/٢٥١) ، ولم أجد هذا الكلام في رحلة ابن جبير المطبوعة - دار صادر - ولابن جبير ثلاث رحلات، انظر: تاريخ الأدب الجغرافي العربي تأليف يوكرا تشكوفسكي (ص: ٢٩٩) . (٤) التازي: كان العجم يطلقونها على العرب، أي العربي، انظر: حاشية ذيل الروضتين (ص:٦٨) . (٥) ذيل الروضتين (ص:٦٨) . (٦) لسان الميزان (٤/٤٢٧) .