واضحا ومشهورا من علم الكلام، فقصة عمر- رضي الله عنهـ مع صبيغ ابن عسل (١) لما علم أنه يتتبع متشابه الكلام ويسأل عنه، فضربه عمر ونفاه إلى البصرة- قصة مشهورة (٢) -، لذلك لما حدث يزيد بن هارون بحديث الرؤية، فقال له رجل: يا أبا خالد، ما معنى هذا الحديث؟ فغضب وحرد (٣) وقال: ما أشبهك بصبيغ وأحوجك إلى مثل ما فعل به (٤) . وعمر- رضي الله عنهـ روي عنه أنه قال:" إنه سيأقي أناس يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله "(٥) .
وقد استمر السلف على هذا المنهج من التحذير من البدع وعلم الكلام وما عليه أهل الأهواء، فالشافعي أثر عنه الكثير في التحذير من أهل الكلام حتى قال:" لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك أحب إلي من أن يلقاه بشيء من الأهواء "(٦) ، والإمام أحمد-رحمه الله- يقول في رسالتهـ الثابتة عنه - الى عبد الله بن يحيى بن خاقان - لما طلب منه المتوكل أن يكتب له حول مسألة "خلق القرآن ": وقد روى غير واحد ممن مضى من سلفنا - رحمهم اللهـ أنهم كانوا يقولون: القرآن كلام الله عز وجل وليس بمخلوق،
(١) هو صَبيغ بن شريك بن المنذر بن قشع بن عسل التميمي، ويقال صبيغ بن عسل، نسبة إلى جده. ترجمته في: الإكمال لابن ماكولا (٥/ ٢٢١،٦/٢٠٦-٢٠٨) ، والإصابة (٣/٤٥٨) ، ترجمة رقم (٢٧ ١ ٤) ، وتبصير المنتبه (٣/٤ ٩٥) ، والوافي في الوفيات (١٦/٣٨٣) . (٢) رواها: الدارمى في سننه، رقم (٤٦ ١) ، والآجرى في الشريعة (ص: ٧٣) ، واللالكائي في شرح السنة، رقم (١٣٦ - ١٤٠) ، والصابوني في عقيدة السلف، رقم (٨٣-٨٥) ، تحقيق: بدر البدر، ورواها غيرهم. انظر: الإصابة (٣/٤٥٨) ، رقم الترجمة (٢٧ ٤١) ت البجاوى، والدر المنثور للسيوطي. أول سورة الذاريات. (٣) " حرد " أي غضب واغتاظ وهم به. انظر: الصحاح، والمعجم الوسيط، مادة:"حرد". (٤) عقيدة السلف للصابوني، رقم (٨٢) . (٥) رواه الدارمي رقم (١٢١) ، واللالكائي رقم (٢٠٢) ، والآجري في الشريعة (ص: ٥٢) . (٦) رواه البيهقي في: مناقب الشافعي (١/٤٥٢) ، وفي الاعتقاد (ص: ٣٩) ، تحقيق: أحمد عصام الكاتب، وأبو نعيم في الحلية (٩/١١١) ، وابن عساكر في تبيين كذب المفتري (ص: ٣٣٧) ، واللالكائي في شرح السنة، رقم (٣٠٠) ، وابن أبي حاتم: كما في توالي التأسيس لابن حجر (ص:١١٠) .