والمعتزلة قالوا إن العبد يخلق، فعله، ليصح ثوابه وعقابه على أعماله (١) .
القول الثالث: قول الماتريدية، وهم يقولون: إن الله تعالى خالق أفعال العباد كلها، ولا خالق إلا هو، كما يقول الأشاعرة وجميع أهل السنة (٢) ، يقول الماتريدي: - عند تفسيره لقوله تعالى:{وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}(البقرة: من الآية١٥) رادا على المعتزلة: "وفي هذا أنه إذا كان هو الذي يمدهم في الطغيان قدر على ضده من فعل الإيمان، فدل أن الله خالق فعل العباد، إذ من قولهم: إن القدرة التامة هي التي إذا قدر على شيء قدر على ضده"(٣) ، ويقول عند تفسير قوله تعالى:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}(البقرة: من الآية١٠٩) بعد رده على المعتزلة "ولكن نقول: خلق فعل الحسد من الخلق، وكذلك يقال في الأنجاس والأقذار والحيات والعقارب ونحوها: إنه لا يجوز أن تضاف إلى الله تعالى، فيقال يا خالق الأنجاس والحيات والعقارب، وإن كان ذلك كله خلقه، وهو خالق كل شيء"(٤) .
ويقول النسفي:
"والله سبحانه وتعالى خالق لأفعال العباد من الكفر والإيمان والطاعة والعصيان لا كما زعمت المعتزلة أن العبد خالق لأفعاله"(٥) .
(١) انظر: كتاب العدل والتوحيد للرسي - ضمن رسائل العدل والتوحيد (١/١١٨) . (٢) انظر: شرح الفقه الأكبر لأبي حنيفة: أعداد عبد الكريم تتان (ص:٢٨-٢٩) . نشر مكتبة الغزالي ومكتبة ابن الفارض - حماة، وانظر: شرح الفقه الأكبر ملا علي قاري (ص:٤٤) ، والوصية لأبي حنيفة (ص:٧٤) ، بقلم فؤاد علي رضا، مكتبة الجماهير - بيروت، مكتبة مدبولي - القاهرة، ط الأولى ١٩٧٠م. (٣) تفسير الماتريدي: المسمى: تأويلات أهل السنة ج١ (ص:٥١-٥٢) طبعة ١٣٩١هـ. (٤) تفسير الماتريدية (١/٢٤٩) . (٥) شرح العقائد النسفية: سعد الدين التفتاراني (ص:٧٧-٧٨) ، تحقيق: كلود سلامة ط دمشق، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ١٩٧٤م. وانظر: كتاب بحر الكلام في علم التوحيد" تأليف: أبي المعين النسفي (ص:٤١) .