أحدهما: الاستطاعة أو القدرة، وهل تكون قبل الفعل أو بعده.
والثاني: هل هذه القدرة موجودة أو معدومة، وهل هي مستقلة أو غير مستقلة، وهل إذا كانت غير مستقلة تكون مؤثرة أو غير مؤثرة.
أولاً: الاستطاعة:
الاستطاعة، والقدرة، والقوة، والوسع، والطاقة، كلها متقاربة المعنى. وقد عرف الجرجاني الاستطاعة بأنها:"هي عرض يخلقه الله في الحيوان يفعل به الأفعال الاختيارية"(١) ، وهي في عرف المتكلمين: عبارة عن صفة بها يتمكن الحيوان من الفعل والترك (٢) .
وقد وقع الخلاف فيها على أقوال:
١- قول الجهمية، وهو أنه ليس للعبد أي استطاعة، لا قبل الفعل ولا معه، بل له قدرة شكلية غير مؤثرة في الفعل أصلا، وتسمى فعلا له تجوزا (٣) .
٢- قول المعتزلة ومن وافقهم: وهو أن الله تعالى قد مكن الإنسان من الاستطاعة، وهذه الاستطاعة قبل الفعل، وهي قدرة عليه وعلى ضده، وهي غير موجبة للفعل (٤) .
٣- قول الأشاعرة ومن وافقهم: وهو أن الاستطاعة مع الفعل لا يجوز أن تتقدمه ولا أن تتأخر عنه، بل هي مقارنة له، وهي من الله تعالى، وما يفعله الإنسان بها فهو كسب له (٥) .
(١) انظر: التعريفات (ص:١٢) . (٢) انظر: المصدر السابق، نفس الصفحة. (٣) انظر: الملل والنحل (١/٨٥) ، والبحر الزخار (١/١٢٣) ، والفرق بين الفرق (ص:٢١١) ، والإرشاد (ص:٢١٥) . (٤) انظر: مقالات الإسلاميين (١/٣٠٠) - ت عبد الحميد، والفرق بين الفرق (ص:١١٦) ، ونظرية التكليف (ص:٣١٧) ونما بعدها. وانظر: شرح الأصول الخمسة (ص:٣٩٨) ، وفي الفلسفة الإسلامية، منهج وتطبيقه (٢/١٠٦-١٠٧) . (٥) انظر: الإرشاد (ص:٢١٩-٢٢٠) ، والحرة - المطبوعة باسم الإنصاف (ص:٤٦) ، ومعالم أصول الدين للرازي (ص:٨٣) ، ط مكتبة الأزهرية، والمعتمد لأبي يعلى (ص:١٤٢) .