ونحن نعلم فيما دخلنا فيه، فلقد كنا نتهارش على هذا الأَمر كما تتهارش الكلاب على الجيف) (١) .
يقول - أَحمد الكسروي معقباً على هذا القول -: (ولقد صدق فيما قال؛ فإِن التخاصم لم يكن إِلا لأَجل الأَموال، كان الرجل يجمع المال ويطمع فيه فيدعي البابية لكيلا يسلمه إِلى آخر)(٢) .
ولقد كانت مسألة "غيبة الإِمام" - وهي من أَركان المذهب الشيعي - من المسائل التي حيرت كثيراً من الشيعة لشكهم في أَمره وطول غيبته، وانقطاع أَخباره.
يقول ابن بابويه القمي:(رجعت إلى نيسابور، وأقمت فيها فوجدت أَكثر المختلفين عليَّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، وقد دخلت عليهم في أَمر القائم عليه السلام الشبهة)(٣) .
وهذا الشك في أَمر منتظرهم في عصر ابن بابويه (ت ٣٨١) ، فكيف يكون الآن بعد مضي هذه القرون الطويلة؟!
ذلك أَن الأَسباب التي يذكرها الشيعة علة لغيبته لا يقتنع بها عاقل؛ فالشيعة يعللون سبب غيبته بأَنه "يخاف القتل"(٤) ، مع أَنهم يقولون بأَن الأئمة يعلمون متى يموتون ولا يموتون إِلا باختيار منهم (٥) ، فكيف يحتجب خوفاً وأمر الموت بيده؟!! ثم لماذا لم يقتل
(١) «الغيبة» الطوسي: ص٢٤١. (٢) «التشيع والشيعة» : ص ٣٣. (٣) «إكمال الدين» : ص ٢. (٤) الكليني: «الكافي» حيث ذكر عدة أحاديث لهم تفيد ذلك: (١/٣٣٧، ٣٣٨، ٣٤٠) ، وانظر: الطوسي: «الغيبة» : ص ١٩٩، وانظر: أَبو طالب التبريزي: «المهدي» : ص ١١٨. (٥) هذا من أَبواب «الكافي» : (١/٢٥٨) - كما مر -.