ولما كان من "أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الأئمة.. بخلاف أهل الأهواء الذين يرون القتال للأئمة من أصول دينهم"(١) . نجد من يفسر الجماعة بأنها جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير (٢) . وبهذا المعنى روى الطبري بسنده أن عمرو بن حريث سأل سعيد بن زيد قال:«فمتى بويع أبو بكر؟ قال: يوم مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة»(٣) .
ومن أصول أهل السنّة الاعتصام بحبل الله جميعاً، وعدم التفرق والتنازع، وفي المعنى روى البخاري عن عليٍّ (قال: «اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف حتى يكون الناس جماعة» (٤) .
قال ابن حجر (٥) : قوله «فإني أكره الاختلاف» أي: الذي يؤدي إلى النزاع. قال ابن التين: يعني مخالفة أبي بكر وعمر، وقال غيره: المراد المخالفة التي تؤدي إلى النزاع والفتنة، ويؤيده قوله بعد ذلك «حتى يكون الناس جماعة»(٦) .
وبهذا المعنى سمي العام الذي تنازل فيه الحسن لمعاوية - رضي الله
(١) ابن تيمية: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» : ص ٢٠. (٢) الشاطبي: «الاعتصام» : (٢/٢٦٤) ، وانظر: الخطابي: «معالم السنن» : (٤/٣١١) . (٣) «تاريخ الطبري» : (٢/٤٤٧) . (٤) «صحيح البخاري» مع «فتح الباري» : (٧/٧١) . (٥) أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني، أبو الفضل شهاب الدين، ابن حجر، حافظ الإسلام في عصره.. وتصانيفه كثيرة جليلة منها «فتح الباري في شرح صحيح البخاري» ، و «لسان الميزان» ، و «تهذيب التهذيب» وغيرها. توفي سنة ٨٥٢هـ وكان مولده سنة ٧٧٣هـ. انظر «الضوء اللامع» : (٢/٣٦) ، «البدر الطالع» : (١/٨٧) ، «الأعلام» : (١/١٧٣) . (٦) «فتح الباري» : (٧/٧٣) .