للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦- ثُمَّ لا يَنْظُرُ الْحَدِيدُ [١] إِلَيْهِ ... مَا عَوَى [٢] اللَّيْلَ نَابِحَاتُ كِلابِ

قَالَ: ثُمَّ وَلَّى عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ مُنْهَزِمًا مَعَ بَنِي عَمِّهِ مِنْ فَزَارَةَ، وَانْهَزَمَتْ بَنُو أَسَدٍ وَغَطَفَانَ، وَسُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَقْفِيَتِهِمْ كَأَنَّهَا الصَّوَاعِقُ، فَقَالَ طُلَيْحَةُ بْنُ خُوَيْلِدٍ: (وَيَلْكُمْ مَا بَالُكُمْ مُنْهَزِمُونَ؟) فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ: (أَنَا أُخْبِرُكَ يَا أَبَا عَامِرٍ لَمْ نَنْهَزِمْ، نَحْنُ قَوْمٌ نُقَاتِلُ نُرِيدُ الْبَقَاءَ، وَهَؤُلاءِ يُقَاتِلُونَ وَيُحَبُّونَ الْفَنَاءَ) .

فَقَالَتْ لَهُ نَوَّارُ امْرَأَةُ طُلَيْحَةَ: (أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَتْ لَكُمْ نِيَّةٌ صَادِقَةٌ لَمَا انْهَزَمْتُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ) . فَقَالَ لَهَا رَجُلٌ مِنْهُمْ: (يَا نَوَّارُ، لَوْ كَانَ زَوْجُكِ هَذَا نَبِيًّا لَمَا خَذَلَهُ رَبُّهُ) ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ طُلَيْحَةُ ذَلِكَ صَاحَ بِامْرَأَتِهِ: (وَيْلَكِ يَا نَوَّارُ، اقْتَرِبِي منِّي، فَقَدِ اتَّضَحَ الْحَقُّ وَزَاحَ الْبَاطِلُ) .

قَالَ: ثُمَّ اسْتَوَى طُلَيْحَةُ عَلَى فَرَسِهِ، وَأَرْدَفَ امْرَأَتَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَمَرَّ مُنْهَزِمًا مَعَ مَنِ انْهَزَمَ.

وَاحْتَوَى خَالِدٌ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى غَنَائِمِ الْقَوْمِ وَعَامَّةِ سَلَبِهِمْ وَأَوْلادِهِمْ [٣] ، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ [٤] يَقُولُ [٥] :

(مِنَ الْكَامِلِ)

١- سَائِلْ طُلَيْحَةَ يَوْمَ وَلَّى هَارِبًا ... بَلْوَى بُزَاخَةَ وَالدِّمَا تَتَصَبَّبْ [٦]

٢- يَوْمَ اجْتَلَبْنَا بِالرِّمَاحِ عَذَارِيًا ... بيض الوجوه كأنَّهنَّ الرّبرب [٧]


[ () ] السلاح، ومن معاني النحى: الزق، وجرة فخار يجعل فيها لبن ليمخض، ونوع من الرطب. (القاموس: نحا) .
[١] الحديد: الرجل اللسن والفطن والشديد الغضب.
[٢] في الأصل: (ما غوى) ، والناسخ لا يحقق النقاط فقد يهمل المعجم ويعجم المهمل.
[٣] كذا بالأصل، ولعلها (أموالهم) .
[٤] هو عوف بن عبد الله الأسدي، كما في الإصابة ٥/ ١٦٥.
[٥] البيتان: ٢، ٦ في الإصابة ٥/ ١٦٥.
[٦] في الأصل: (براحة والدما تصب) .
[٧] الإصابة: (يوم اختلسنا) و (حواسرا كالربرب) .

<<  <   >  >>