قيل: لما حج الرشيد دخل المدينة فقيل له] /١١٧ب [: قد صنف مالك بن أنس كتابا في الشرائع والآثار، فأنفذ إليه يستحضره الكتاب، فقال مالك: هذا كتاب قد جمعت فيه السنن والآثار ثم يسومني حمله إليه، لا فعلت ذلك. فقيل له: إنه جبار ولا نأمنه عليك. قال: فإذا أذل نفسي ولا أذل علمي، فقام إليه، فقال: يا أمير المؤمنين حدثني نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العلم يؤتى ولا يأتي" ١، ونزل عليه جبريل وعنده ابن أم مكتوم، بقوله تعالى:{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ٢فرأى الكآبة في ابن أم مكتوم، وعرج ثم هبط في أسرع من طرفة عين بقوله تعالى:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَر} ِ٣فهذا جبريل قطع هذه المسافة لهذا الحرف، وأنت تسومني أن أحمل كتابا جمعت فيه سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم والآثار؟! فقال: لا يا أبا عبد الله، بل نأتيك في بيتك فنسمعه منك.
وأمر أن تسرج الدواب فقال: يا أمير المؤمنين حدثني نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع"٤
١ ذكره العلامة علي القاري في المصنوع في معرفة الحديث الموضوع (ح١٩٨) وفي الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة (ح٣٠٠) ، قال القاري: هو من قول مالك للمهدي حين دعاه لسماع ولديه منه، وقاله لهارون حين التمس منه خلوة للقراءة. اهـ ٢ سورة النساء /٩٥. ٣ سورة النساء /٩٥. ٤ أخرجه الإمام أحمد ٤/٢٣٩، ٥/١٩٦، والترمذي (ح٢٦٨٢) ، والدارمي (ح٣٤٢) ، وأبو داود (ح٣٦٤١،٣٦٤٢) عن أبي الدرداء رضي الله عنه.