وكانت بدعتهم إنما هي من سوء فهمهم للقرآن؛ ولم يقصدوا معارضته، ولكن فهموا منه ما لم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب، إذ المؤمن هو البر والتقي، فقالوا: فمن لم يكن براً تقياً فهو كافر، وهو مخلد في النار؛ ثم قالوا: وعثمان وعلي ومن والاهما ليسوا بمؤمنين لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله، فكانت بدعتهم لها مقدمتان:
"الأولى": أن من خالف القرآن بعمل أو برأي أخطأ فيه فهو كافر.
"الثانية": أن عثمان وعلياً ومن والاهما كانوا كذلك.٢
وبذلك خرجت الخوارج بجهلهم وعتوهم وتكفيرهم للمسلمين وقتلهم إياهم.٣ وكانت آراؤهم مفرعة على الجهل وقوة النفوس والاعتقاد الفاسد.
١- أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ٣/١١٣ ط١، دار المعرفة ٢- مجموع الفتاوى ١٣/٣١،٣٢. ٣- شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري ١/١٠.