سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} ١ [يوسف:٢٥] وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ" ٢ وَالْعَانِي: الْأَسِيرُ, وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهَا مِنْ الْحَبْسِ أَعْظَمُ مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ, إذْ غَايَةُ الْغَرِيمِ أَنْ يَكُونَ كَالْأَسِيرِ, وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَعَ حَبْسِهَا فِي مَنْزِلِهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا مَتَى شَاءَ, فَحَبْسُهُ لَهَا دَائِمًا يَسْتَوْفِي فِي حَبْسِهَا مَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهَا, وَحَبْسُهَا لَهُ عَارِضٌ إلَى أَنْ يُوفِيَهَا حَقَّهَا. وَالْحَبْسُ الَّذِي يَصْلُحُ لِتَوْفِيَةِ الْحَقِّ مِثْلُ الْمَالِكِ لِأَمَتِهِ, بِخِلَافِ الْحَبْسِ إلَى أَنْ يُسْتَوْفَى الْحَقُّ, فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَبْسِ الْحُرِّ لِلْحُرِّ, وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْغَرِيمُ مَنْعَ الْمَحْبُوسِ مِنْ تَصَرُّفٍ يُوفِي بِهِ الْحَقَّ, وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ حَوَائِجِهِ إذَا احْتَاجَ الْخُرُوجَ مِنْ الْحَبْسِ مَعَ مُلَازَمَتِهِ لَهُ, وَلَيْسَ عَلَى الْمَحْبُوسِ أَنْ يَقْبَلَ مَا يَبْذُلُهُ لَهُ الْغَرِيمُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَّةٌ فِيهِ.
وَيَمْلِكُ الرَّجُلُ مَنْعَ امْرَأَتِهِ مِنْ الْخُرُوجِ مُطْلَقًا إذَا قَامَ بِمَا لَهَا عَلَيْهِ, وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ, وَبِهَذَا وَغَيْرِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهَا وَيَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ أَكْثَرَ مِمَّا لَهَا أَنْ تُلْزِمَهُ وَتَمْنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ حَبْسِهِ, فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ مُلَازَمَتِهَا, وَهَذَا حَرَامٌ بِلَا رَيْبٍ.
وَلَا يُنَازِعُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ حَبْسَ الرَّجُلِ إذَا تَوَجَّهَ تَتَمَكَّنُ مَعَهُ امْرَأَتُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ, وَإِسْقَاطُ حَقِّهِ عَلَيْهَا حَرَامٌ لَا يَحِلُّ لأحد من
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ ينظر: "تفسيرالطبري" ١٦/٥١.٢ أخرجه الترمذي "١١٦٣", وابن ماجه "٣٠٥٥".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute