لَوْ سَافَرَ عَنْهَا أَوْ حَبَسَهُ غَيْرُهَا, وَلَا يَجِبُ حَبْسُهُ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ, بَلْ الْمَقْصُودُ تَعْوِيقُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ حَتَّى يُؤَدِّيَ ذَلِكَ, فَيَجُوزُ حَبْسُهُ فِي دَارٍ وَلَوْ فِي دَارِ نَفْسِهِ, بِحَيْثُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُحْبَسَ وَتُرَسَّمَ هِيَ عَلَيْهِ إذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ, وَهَذَا أَشْبَهُ بِالسُّنَّةِ, فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْغَرِيمَ بِمُلَازَمَةِ غَرِيمِهِ وَقَالَ لَهُ "مَا فَعَلَ أَسِيرُك" ١ وَإِنَّمَا الْمُرَسَّمُ وَكِيلُ الْغَرِيمِ فِي الْمُلَازَمَةِ, فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَنْ يَحْفَظُ امْرَأَتَهُ غَيْرُ٢ نَفْسِهِ, وَأَمْكَنَ أَنْ يَحْبِسَهُمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ, فَتَمْنَعَهُ هِيَ مِنْ الْخُرُوجِ, وَيَمْنَعَهَا هُوَ مِنْ الْخُرُوجِ, فَعَلَ ذَلِكَ, فَإِنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَبْسَهَا فِي مَنْزِلِهِ, وَلَهَا عَلَيْهِ حَبْسَهُ فِي دَيْنِهَا, وَحَقُّهُ عَلَيْهَا أَوْكَدُ, فَإِنَّ حَقَّ نَفْسِهِ فِي الْمَبِيتِ ثَابِتٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا, بِخِلَافِ حَبْسِهَا لَهُ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ إعْسَارِهِ, لَا يَكُونُ حَبْسُهُ مُسْتَحَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذْ حَبْسُ الْعَاجِزِ لَا يَجُوزُ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وَلِأَنَّ حَبْسَهَا لَهُ عُقُوبَةٌ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ, وَحَبْسُهُ لَهَا حَقٌّ يَثْبُتُ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ, وَلَيْسَ بِعُقُوبَةٍ, بَلْ حَقُّهُ عَلَيْهَا كَحَقِّ الْمَالِكِ عَلَى الْمَمْلُوكِ, وَلِهَذَا كَانَ النِّكَاحُ بِمَنْزِلَةِ الرِّقِّ وَالْأَسْرِ لِلْمَرْأَةِ. قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: النِّكَاحُ رِقٌّ, فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يَرِقُّ كَرِيمَتَهُ٣.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: الزَّوْجُ سَيِّدٌ فِي كتاب الله وقرأ قوله: {وَأَلْفَيَا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ أخرجه ابن ماجه "٢٤٢٨".٢ في "ط": "عن".٣ لم نقف عليه عن عمر وأخرجه العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" ٢/٤٣ عن عائشة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute