إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ غَيْرُ التَّغْلِبِيِّ نِصْفُ الْعُشْرِ، سَوَاءٌ اتَّجَرَ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَتَّجِرْ بِهِ، مِنْ مَالِهِ وَثَمَرِهِ وَمَاشِيَتِهِ، وَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ الذِّمَّةِ١. وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي "اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ" عَلَى هَذَا: هَلْ عَلَيْهِمْ عُشْرَانِ أَمْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَهَذَا غَرِيبٌ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ لَفْظِ "الْمُقْنِعِ"، وَعَلَى الْمَنْعِ عَلَيْهِمْ عُشْرَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَصْحِيحَ كَلَامِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَدَفْعَ الضَّرَرِ الْمُؤَبَّدِ عَنْ الْفُقَرَاءِ بِوُجُوبِ الْحَقِّ فِيهِ، وَكَانَ ضِعْفَ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ كَمَا يَجِبُ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى الْعَاشِرِ نِصْفُ الْعُشْرِ، ضِعْفُ الزَّكَاةِ، وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَعَنْهُ: عُشْرٌ وَاحِدٌ، ذَكَرَهَا فِي الْخِلَافِ كَمَا كَانَ، لِتَعَلُّقِهِ بِالْأَرْضِ، كَبَقَاءِ الْخَرَاجِ إذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً مِنْ ذِمِّيٍّ، فَلَا وَجْهَ لِتَقْدِيمِ هَذَا فِي الرِّعَايَةِ،
وَلَا تَصِيرُ هَذِهِ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً؛ لِأَنَّهَا أَرْضُ عُشْرٍ، كَمَا لَوْ كَانَ مُشْتَرِيهَا مُسْلِمًا، وَمَذْهَبُ "هـ" تَصِيرُ خَرَاجِيَّةً أَبَدًا، وَلَوْ أَسْلَمَ رَبُّهَا أَوْ مَلَكَهَا مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُنَافِي الْخَرَاجَ، فَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ بَنِي تَغْلِبَ جَازَ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، خَرَاجِيَّةً كَانَتْ أَوْ عُشْرِيَّةً، وَلَزِمَهُ الْعُشْرَانِ "و" كَالْمَاشِيَةِ،
وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي أَوْ بَاعَهَا مُسْلِمًا سَقَطَ عُشْرٌ وَبَقِيَ عُشْرُ الزَّكَاةِ لِلْمُسْتَقْبَلِ، لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّهُ أَخَذَ بِحُكْمِ٢ الْكُفْرِ، لِحَقْنِ الدم، فأشبه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ ١٠/٣٤٦.٢ في الأصل: "بحق".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute