سَمِعُوا مِنْ مُوسَى١. فَلِمَ سُمِّيَ إذَنْ كَلِيمَ الرَّحْمَنِ٢؟
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا: لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْكَلامُ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى إلاَّ صَوْتًا وَحَرْفًا، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنًى فِي النَّفْسِ وَفِكْرَةً وَرَوِيَّةً: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَكْلِيمًا لِمُوسَى، وَلا هُوَ بِشَيْءٍ٣ يُسْمَعُ، وَلا يَتَعَدَّى الْفِكْرَ وَالْمَرْئِيَّ، وَلا يُسَمَّى مُنَادَاةً٤.
فَإِنْ قَالُوا: نَحْنُ لا نُسَمِّيهِ صَوْتًا مَعَ كَوْنِهِ مَسْمُوعًا.
قُلْنَا: الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا مُخَالَفَةٌ فِي اللَّفْظِ مَعَ الْمُوَافَقَةِ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّنَا لا نَعْنِي بِالصَّوْتِ إلاَّ مَا كَانَ مَسْمُوعًا.
الثَّانِي: أَنَّ لَفْظَ الصَّوْتِ قَدْ جَاءَتْ بِهِ الأَخْبَارُ وَالآثَارُ٥، وَسَأَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حِدَةٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ بَعْدَ ذَلِكَ: النِّزَاعُ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَكَلَّمَ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ أَمْ لا؟ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ: اتِّبَاعُ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، اهـ كَلامُ الشَّيْخِ ٦مُوَفَّقِ الدِّينِ٧.
وَقَالَ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ ابْنُ حَجَرٍ فِي "شَرْحِ الْبُخَارِيِّ٧": "قَالَ
١ انظر: فتح الباري ٣/ ٣٥٠.٢ انظر: توضيح المقاصد بشرح الكافية النونية ١/ ٢٢٥.٣ في ز ش: بنبي. وفي ب وشرح الكافية: شيء.٤ انظر: فتح الباري ١٣/ ٣٦٧، مجموعة الرسائل والمسائل ٣/ ٣٦، ١٣١ وما بعدها، ١٤٦، توضيح المقاصد بشرح الكافية ١/ ٢٢٦.٥ انظر: توضيح المقاصد بشرح النونية ١/ ٢٢٦.٦ في ب ع ض: الموفق.٧ فتح الباري بشرح صحيح البخاري ١٣/ ٣٥٣-٣٥٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute