بعث هديه وأقام في أهله١، حتى عدوا ذلك ناسخًا لما قبله، معارضًا لما خالفه من أمره ونهيه.
ولأن الله -تعالى- أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بقيام الليل٢، ودخل فيه أمته، حتى نسخه بقوله:{عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} ٣.
١ روى البخاري ومسلم وأبو دواد والترمذي والنسائي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أنا فتلت تلك القلائد من عهن كان عندنا وأصبح فينا حلالًا، يأتي ما يأتي الحلال من أهله، أو ما يأتي الرجل من أهله. وفي رواية: فتلت قلائد بُدنِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أشعرها وقلّدها، ثم بعث بها إلى البيت، فما حرم عليه شيء كان له حلالًا. انظر: جامع الأصول "٤/ ١٦٥" والمنتقى من أخبار المصطفى ص٤٢٣. ٢ في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: ١-٤] . ٣ سورة المزمل من الآية: ٢٠. روى ابن جرير الطبري عن أبي عبد الرحمن قال: لما نزلت {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} قاموا حولًا حتى ورمت أقدامهم وسوقهم حتى نزلت {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَه} قال: فاستراح الناس. وروي عن زرارة بن أبي أوفى عن سعيد بن هشام قال: فقلت -يعني لعائشة- أخبرينا عن قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: ألست تقرأ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} قلت: بلى. قالت: فإنها كان قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حتى انتفخت أقدامهم، وحبس آخرها في السماء ستة عشر شهرًا، ثم نزل. وروى الطبري عن سعيد بن جرير قال: لما أنزل الله تعالى على نبيه -صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} قال: مكث النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذه الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمره، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه، فأنزل الله -تعالى- عليه بعد عشر سنين {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} الآية. تفسير ابن كثير "٤/ ٤٣٧".