الدلالة على نبوّة المسيح: اعلم أن في إثبات نبوّة المسيح عليه السلام [إرغاماً] ١ لليهود والنصارى جميعاً، وذلك أنهم ارتكبوا في طرفي نقيض.
أما اليهود - خذلهم الله - فإنهم يرمونه بالكذب والسحر والنيرنجات٢ واستخار الشياطين في أغراضه ومآربه، فقالوا:"إنه إنما يخرج الشياطين من الإنسان ببعلزبول٣ رئيس الشياطين، وقالوا: إنه لم يحي ميتاً قط ولا أبرأ ذا علة وعاهة، ولكنه واطأ صديقاً له يقال له ألعازر٤ فتماوت ثم إنه دخل عليه في جماعة معه فوجد أمه تبكي، فقال لها: لا تبكي، ثم وضع يده عليه فقام وادعى في البلد أن المسيح أحياه، وكانت أمه تهتف بذلك لشغفها بولدها٥. وقالوا: وواطأ آخر فجلس على الطريق كأنه زمن فلما طال مقامه / (١/٣٣/أ) وعُرِف بالزمانة والاستعطاء مَرَّ به في أناس معه كأنه لا يريد فناداه: ارحمني يا ابن داود. فأجابه: ما الذي تريده؟ فقال: أريد أن أنهض. فأخذ بيده وأقامه فقام وقد تعقدت رجلاه من طول الجلوس، فكانت أمه تشيع أن يسوع أقامه".
واستبشع آخرون منهم هذا واستعبدوه فقالوا: لا. ولكن لَطُفَت معرفته بالطبّ حتّى أبرأ الأرض والأكمه وأقام الزمنى والمخلعين. وهم بأسرّهم
١ في ص (إرغام) والصواب ما أثبته. ٢ النَّيْرَنج: أَخْذٌ كالسحر وليس به. (ر: القاموس المحيط ص٢٦٥) . ٣ متى ١٢/٢٤، مرقس ٣/٢٢، لوقا ١١/١٥. وبعلزبول: اسم كنعاني ومعناه: (بعل الأقذار) ، وأصل هذا الاسم (بعلزبوب) وقد غيره اليهود، وأما بعلزبوب، فمعناه: (إله الذباب) وهو أكبر آلهة الوثنيّين ولذلك دعي رئيس الشياطين. (ر: قاموس ص ١٨٣) . ٤ العازر: معناه: (من يعيه بهوه) ، وهو رجل من بيت عينا، وكان من نصيبه أن يقيمه المسيح من الأموات، ولا يعرف بعد ذلك مكان وزمن وفاته. (ر: المرجع السّابق، ص: ٨١٦) . ٥ هذا ادعاء اليهود وتفسيرهم لما ورد في إنجيل يوحنا، الإصحاح (١) ، لمعجزة المسيح عليه السلام في إحياء الميت واسمه العازار.