لو لم يكن خمرا سلافا ريقها ... تزرى وتلعب بالنّهى لم تحظر (١)
وكذاك ساجى جفنها لو لم يكن ... فيه مهنّد لحظها لم يحذر (٢)
لو عجت طرفك فى حديقة خدّها ... وأمنت سطوة صدغها المتنمّر (٣)
لرتعت من ذاك الحمى فى جنّة ... وكرعت من ذاك اللما فى كوثر (٤)
وابن خميس يشبّه عينى صاحبته بعينى جؤذر وأسنانها فى ثغرها بعقدى جوهر ويقول إنه ثغر ناصع البياض كالدرّ أى اللؤلؤ أو كضوء البرق أو كطلع النخل أو كزهر الأقحوان الأبيض المفلّج الأوراق كأسنان هذا الثغر المفلّجة، وهو ثغر يجرى عليه من شفتى صاحبته نطفة (قطرات) سائغة من الريق بل خمر، وإن لم يعصرها خمار، خمرة تلعب بالعقول، غير محرمة، ولو لم يكن فى فاتر جفنها سيف لحظها يحميها ما حذرت، ولو أتيح لك أن تعطف طرفك فى خدها وجماله المتنوع، وكأنه حديقة باهرة، وأمنت بطش عقرب صدغها المتنمر لنعمت بجنّة رائعة، ونهلت من لماها أو شفتيها من الكوثر نهر الفردوس. ويمضى ابن خميس فى هذا الغزل قائلا:
وهو يقول إن صاحبته طرقته أو زارته فى منتصف الليل والسماء تنتثر لآلئ نجومها فى بساطها الأخضر، ويقول إنها إذا أحسّت بكثافة شعرها وكشفت عن وجهها أزرت بالصباح المضيئ الجميل، أما إذا خلعت غلالتها فإنها تبدو كأنها سبيكة من فضّة أو دمية من مرمر، ويقول إنه لم ير شيئا منها يقظان وإنما ذلك حلم رآه فهاج شجون مغترب عن إلفه متشوق تتقد أحشاؤه وتشتعل حبا وهياما. ولابن خميس غزل كثير فى مطالع مدائحه يصف فيه لوعات حبه وما تكنّ ضلوعه من مواجعه، وقد يحيله غزلا صوفيا بديعا. ولمحمد (٩) بن عمر المليكشى البجائى المنتسب إلى مدينة الجزائر والمتولى خطة الإنشاء بتونس والمتوفى بها سنة ٧٤٠ للهجرة قوله: