وواضح أن التكلف يسرى فى هذه الأبيات، وأن كلمة:«أنت تدرى» فى البيت الثانى أفسدت النّسق فيه. والشطر الثانى فى البيت الثالث تكرار للشطر الأول، وكان يكفيه أن يشبه الخمر بدم الكبش ولا يضيف كلمة «أسالته مدية الذباح». ومع ذلك كله يعد جعفر الخطّى أهم شاعر ظهر فى زمنه بالقطيف والأحساء أو بعبارة أخرى بالبحرين، وهو بلا ريب أشعر من ترجم له ابن معصوم فى سلافة العصر والمحبى فى نفحة الريحانة بالقياس إلى مواطنيه.
[٥ - شعراء الفخر والهجاء]
ظل الفخر والهجاء نشطين فى هذا العصر نشاطهما فى العصور السابقة، ولكن يلاحظ أن المصادر احتفظت بشعر الفخر أكثر من احتفاظها بشعر الهجاء، ومرّ بنا أن الطاهر الجزرى كان من شعراء قرواش صاحب الموصل وبواديه، وله ثلاث أبيات يصف فى أولها وثانيها الليل وظلماته وفى الثالث فرسه، واستطرد من وصفه فى كل بيت إلى هجاء شخص يقول (١):
قطعت دياجيه بنوم مشّرد ... كعقل سليمان بن فهد ودينه
على أولق فيه التفات كأنه ... أبو جابر فى خبطه وجنونه (٣)
ويبدو أن البرقعيدى كان مغنيا ويصفه ببرودة غنائه وسوء خلقه إذ كان قوادا، والهجاء فى البيتين التاليين مقذع كما هو واضح. ومن الهجّائين المقذعين القاضى العثمانى اليمنى وله مدائح فى أمراء زبيد آل نجاح وفى غيرهم من أمراء الدول اليمنية، ومن أقذع هجائه قصيدته فى الداعى على بن محمد الصليحى حين قتله سعيد بن نجاح أمير زبيد، وفيها
(١) الدمية ١/ ١٢٨. (٢) البرقعيدى: نسبة إلى برقعيد قرية بالموصل. (٣) الفرس الأولق: شديد السرعة إلى درجة الجنون.