دمشق الداخلين إلى الأندلس فى عهد الولاة، ولى جده الأقرب جودى بن أسباط- كما يقول ابن حيان-الشرطة للأمير الحكم الربضى (١٨٠ - ٢٠٦ هـ) وصحب سعيد-كما ذكرنا منذ قليل-سوار بن حمدون المحاربى أمير عرب إلبيرة المنازعين للمولدين والمسالمة والنصارى من أهل تلك الكورة أيام نشوب الفتنة العصبية بها لأول عهد الأمير عبد الله. وتحيز سوار بأصحابه إلى حصن غرناطة فملكه ودانت له العرب فى تلك الأنحاء واتخذ سعيد بن جودى-وكان شاعرا-أهم مساعد له فى حركته لشجاعته وبأسه وفروسيته، ومر بنا كيف استطاع سوار أن يأخذ ثأر زعيم العرب قبله فى تلك المنازعة مع المولدين وأصحابهم: يحيى بن صقالة، إذ قتل منهم فيما يقال سبعة آلاف، ونرى ابن جودى يرميهم حينئذ بشواظ من شعره منشدا:
قد طلبنا بثأرنا فقتلنا ... منكم كلّ مارق وعنيد
قد قتلناكم بيحيى وما إن ... كان حكم الإله بالمردود
ويقول إنهم قتلوا يحيى بن صقالة غدرا، ويشيد بشجاعته وجوده وحلمه وتقواه ويدعو الله أن يجزيه جزاء الشهداء الأبرار. ويحشد المولدون ومن يؤيدهم من المسالمة والنصارى جموعهم ويهاجمون غرناطة، فتدور عليهم الدوائر وتحصد سيوف العرب منهم اثنى عشر ألفا، ويرميهم بقصيدة ملتهبة، يقول فيها:
لقيتم لنا ملمومة مستحرّة ... تجيد ضراب الهام تحت العوامل (١)