وخلفه ابنه محمد الخامس الغنى بالله (٧٥٥ - ٧٩٣ هـ.) مكمل منشآت قصر الحمراء، وكان ممدّحا للشعراء، وأهم مادحيه منهم ابن زمرك، وسنفرد له ترجمة عما قليل. وكان حفيد الغنى بالله يوسف الثالث (٨١٠ - ٨٢٠ هـ.) شاعرا، ولزمه ابن فركون الشاعر يمدحه واتخذه كاتب سره، وتستغرق ديوانه مدائحه فيه، حتى لتبلغ نحو مائة قصيدة ومقطوعة، إذ لم يترك مناسبة شخصية أو اجتماعية أو سياسية أو حربية إلا ونظم للسلطان فيها مدحة طنانة، ومن قوله فيه حين تقلّد السلطة (٤):
فهنّئت ما استقبلت يا ملك الهدى ... من العزّ لا زالت سعودك مقبله
لقد قلّد الرحمن أمر عباده ... إماما له فى العدل أرفع منزله
ويعدّ يوسف الثالث آخر أمراء بنى الأحمر المهمين، ويفضون بعده فى القرن التاسع الهجرى إلى خلافات، تقضى على الإمارة قضاء مبرما. وحرى بنا أن نتوقف قليلا لنتحدث عن أهم شعراء المديح فى الأندلس، وهم ابن عبد ربه وابن دراج القسطلى وابن عمار وابن الحداد والرّصافى وابن زمرك.
(١) انظر هذه القصيدة فى ترجمة ابن جزى الضافية فى أزهار الرياض ٣/ ١٨٩ وترجم له ابن الأحمر إسماعيل بن يوسف فى كتابه نثير فرائد الجمان وابن الخطيب فى الكتيبة الكامنة ص ٤٦. (٢) العوالى: الرماح. (٣) تزجى: تدفع. الأوداج جمع ودج وهو عرق فى العنق إذا قطعه الذابح لم تبق فى الإنسان حياة. (٤) انظر ديوان ابن فركون بتحقيق د. محمد بن شريفة (طبع أكاديمية المملكة المغربية) ص ١٠٣.