وواضح أن فى البيت الأول طباقا بين «يعيد ويبدى» وأن فى البيتين الثانى والثالث جناسا ناقصا بين «الغواشى والغواشم» وكذلك بين «الهوادى وهوادم». وكان بارعا فى صنع ما يسمى فى البديع بحسن التعليل، إذ كان يعرف كيف ينفذ إلى تعليلات طريفة إن هو رضى عن شئ، فإنه يلتمس له ما يحسّنه كقوله الذى أنشكدناه بفواتح الفصل فى جارية سوداء:
يلومنى فى ظبية ... مخلوقة من كحل
والحجر الأسود لم ... يخلق لغير القبل
فهو يرد عن السواد فى الجارية قبحه، إذ يجعلها مخلوقة من كحل العيون الذى تتزين به النساء، وقد مضى يقول-كما مر بنا-إن السواد هو الذى يمنح العين السوداء بصرها ونورها، وما يبلغ حجر كريم ما يبلغ الحجر الأسود من القدسية، حتى لينهال عليه الحجّاج بالقبل. وفى أشعاره توريات يصنعها تظرفا. وكل شئ يؤكد أنه كان شاعرا بارعا، غير أن ديوانه سقط من يد الزمن، وهو فى شعره يتغنى بالخمر وينفذ فى وصفه لها إلى تصاوير بديعة، ويبدو أنه كثيرا ما كان يشربها مع صحبه فى الأديرة، يقول: