وهو يستمر هنا فى مديحه لهم بالكرم فى السنين المجدبة، حتى إن الناس ليرحلون إليهم ويقطنون حول خيامهم، وكلما سألوهم شيئا وهبوه لهم. وهم فى أثناء ذلك يقامرون بخير إبلهم، حتى يطعموها السائلين والمحتاجين. ولما استتم هذه الصورة وصفهم بجمال الوجوه وجمال الكلام فى مجالسهم، ولم يخل مكثرا ولا مقلا منهم من سماحة وفضل وبر. وأشاد بمجالسهم، وأنهم عقلاء حلماء يشفون بآرائهم الصائبة جهل الجهلاء. وهم متعاونون، إن حمل منهم أحد حمالة لم يخذلوه، بل أعانوه. وذكر فضل آبائهم وأحسابهم، فقال إنهم ورثة مجد قديم توارثه الأبناء عن الآباء، وساق دليلا على ذكاء الفروع بذكاء الأصول من الرماح والنخيل، فلا يولد الكريم إلا فى البيت الكريم.
وقد ظل زهير على شاكلة هذه القصيدة وسابقتها يدبج مدائحه فى هرم بن سنان،
(١) السنة الشهباء: المجدبة. الحجرة: السنة شديدة البرد. (٢) قطينا: ساكنين. (٣) استخبال المال: أن يسألوهم شيئا فيعطوهم إياه. ييسروا: يتقامروا. يغلوا: يختاروا سمان الإبل. (٤) المقامات والأندية: المجالس. (٥) يعتريهم: ينزل بهم. (٦) الجهل: الحمق. (٧) الحامل: الذى يحمل الحمالة، وهى الدية، ويريد أى مغرم. (٨) الخطى: الرماح، ووشيجه: أغصانه.