الملمّات وكرمها فى الجدب وحمايتها للجار وإغاثتها للملهوف. وفى أثناء ذلك يصوّب سهام الهجاء إلى نحور أعدائهم، وكأنه يريد أن يقضى عليهم قضاء مبرما.
ونحس فى هذه الحماسة أثر الموجدة الشديدة والحقد البالغ على خصومهم، فهم دائما يتعرضون لهم يهددونهم ويتوعدونهم انتقاما مروّعا، وكان أشد ما يهيجهم أن يقتل منهم قتيل، فحينئذ تهيج القبيلة ويهيج شعراؤها هياجا لا حدّ له، فإذا ثأرت لنفسها وشفت غلّها وحقدها أخذ شعراؤها ينشدون أناشيد النصر من مثل قصيدة دريد بن الصّمّة التى يتغنى فيها بأنه ثأر من قتلة أخيه عبد الله، ومع ذلك لا يزال يتوعدهم، يقول (١):
ويا راكبا إما عرضت فبلّغن ... أبا غالب أن قد ثأرنا بغالب (٢)
قتلت بعبد الله خير لداته ... ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب (٣)
(١) الأصمعيات ص ١١٧. (٢) عرضت: أتيت العروض، يريد مكة والمدينة وما حولهما. (٣) لدات: جمع لدة وهو الترب والكفء. (٤) النزو: الوثب، الجنادب: ضرب صغير من الجراد. (٥) رجلتى: جمع راجل ضد الفارس الراكب، وهم المشاة. والصعدة: القناة. غير ناكب: غير عادل عنهم. (٦) الترائب: عظام الصدر. (٧) تسهلوا: تنزلوا السهل من الأرض. المخاض: الحوامل من النوق، الضوارب: اللواقح، وإيزاغها أن ترمى ببولها شبه رشاش الطعنة من الدم ببولها ورشاشه. (٨) يروغون: يذهبون هنا وهناك. الصلعاء موضع هو مكان معركته مع مرة. (٩) المخاضة: موضع من ديار ذبيان، وخضر محارب: قبيلة.