وتفسير الورود اختلف فيه الصحابة، ومن بعدهم من العلماء١.
والشيخ الأمين -رحمه الله- حين يرجح أنّ الورود بمعنى الدخول لم يأت بشيء مبتدع، بل قاله غيره من علماء التفسير؛ أمثال القرطبي٢ -رحمه الله-، وغيره. بل قد قال الألوسي:"ذهب إلى ذلك جمع كثير من سلف المفسرين وأهل السنة"٣.
وبالمقابل رجح بعض العلماء أنّ الورود: هو المرور على الصراط؛ ومن هؤلاء ابن أبي العز الحنفي -رحمه الله-، الذي قال:"اختلف المفسرون في المراد بالورود المذكور في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا} ٤ ماهو؟ والأظهر الأقوى أنه المرور على الصراط"٥.
وكذلك الحافظ ابن رجب -رحمه الله- الذي قال:"ومما يستدلّ به على أنّ الورود ليس هو الدخول: ما خرجه مسلم من حديث جابر قال: أخبرتني أم بشر أنها سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة: " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحتها". قالت: بلى يا رسول الله. فانتهرها. فقالت حفصة:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا} ٦ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "قد قال الله عزّ وجلّ: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} ٧"٨ ٩.
١ انظر التخويف من النار لابن رجب ص١٩٣. وأضواء البيان ٤/٣٥٢. ٢ انظر الجامع لأحكام القرآن ١١/٩٣. ٣ انظر روح المعاني ١٦/١٢١. ٤ سورة مريم، الآية [٧١] . ٥ شرح الطحاوية ص٤٧١. ٦ سورة مريم، الآية [٧١] . ٧ سورة مريم، الآية [٧٢] . ٨ أخرجه مسلم في صحيحه ٤/١٩٤٢. ٩ التخويف من النار ص١٩٤.