للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان النّشو قد حصل له قولنج انقطع منه أياما، ثم طلع إلى القلعة وأثر المرض فى وجهه، وقرّر مع السلطان إيقاع الحوطه على آقبغا عبد الواحد من الغد، وكان ذلك فى أوّل يوم من صفر. وتقرّر الحال على أنه يجلس النّشو على باب الخزانة، فإذا خرج الأمير بشتك من الخدمة جلس معه، ثم يتوجّهان إلى بيت آقبغا ويقبضان عليه. فلما عاد النّشو إلى داره عبر الحمّام ليلة الاثنين ومعه [شمس الدين محمد «١» ] بن الأكفانىّ، وقد قال له ابن الأكفانىّ: بأنّ على النشو فى هذا الشهر قطعا «٢» عظيما فأمر النّشو بعض عبيده السودان أن يحلق رأسه ويجرحه بحيث يسيل الدّم على جسده ليكون ذلك حظّه من القطع، ففعل به ذلك، وتباشروا بما دفع الله عنه من السوء. ثمّ خرج النّشو من الحمّام، وكان الأمير يلبغا اليحياوىّ أحد خواصّ السلطان ومماليكه قد توعّك جسده توعّكا صعبا فقلق السلطان عليه وأقام عنده لكثرة شغفه به، فقال له يلبغا فيما قال: ياخوند، قد عظم إحسانك لى ووجب نصحك علىّ والمصلحة القبض على النّشو، وإلّا دخل عليك الدخيل، فإنّه ما عندك أحد من مماليكك إلّا وهو يترقّب غفلة منك، وقد عرّفتك ونصحتك قبل أن أموت، وبكى وبكى السلطان لبكائه، وقام السلطان وهو لا يعقل لكثرة ما داخله من الوهم لثقته بمحبّة يلبغا له، وطلب بشتك فى الحال وعرّفه أنّ الناس قد كرهوا هذا النشو، وأنه عزم على الإيقاع به، فخاف بشتك أن يكون ذلك امتحانا من السلطان، ثم وجد عزمه قويّا فى القبض عليه، فاقتضى الحال إحضار الأمير قوصون أيضا فحضر وقوّى عزم السلطان على ذلك، وما زالا به حتى قرّر معهما أخذه والقبض عليه. وأصبح النشو وفى ذهنه أنّ القطع