للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرائعة، ويدعى الأقنوم الثاني الكلمة، لأنه يعلن مشيئته بعبارة وافية، وأنه وسيط المخابرة بين الله والناس، ويدعى أيضاً الابن، لأنه يمثل العقل نسبة المحبة، والوحدة بينه وبين أبيه، وطاعته الكاملة لمشيئته، والتمييز بين نسبته هو إلى أبيه، ونسبة كل الأشياء إليه، ويدعى الأقنوم الثالث الروح القدس، الدلالة على النسبة بينه وبين الآب والابن، وعلى عمله في تنوير أرواح البشر، وحثهم على طاعته ... وبناء على ما تقدم يظهر جلياً أن عبارة الابن لا تشير كما فهم بعضهم خطأ إلى ولادة بشرية، ولكنها تصف سرية فائقة بين أقنوم وآخر في اللاهوت الواحد، وإذا أراد الله أن يفهمنا تلك النسبة لم تكن عبارة أنسب من الابن للدلالة على المحبة والوحدة في الذات)) (١١١) .

يقول الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله ونجد كاتب هذا الكلام يحاول ثلاث محاولات:

أولاها: إثبات أن التوراة وجد فيها أصل التثليث، لوحت به ولم تصرح، أشارت إليه، ولم توضح.

وثانيها: أن في اللاهوت ثلاثة أقانيم، وهي في شعبها متغايرة وإن كانت في جوهرها غير متغايرة.

وثالثها: أن العلاقة بين الآب والابن ليست ولادة بشرية، بل هي علاقة المحبة والاتحاد في الجوهر (١١٢) .

ومن الأمثلة على تحريف نصوص التوراة قول القس يسي منصور: ((إذا قالت التوراة: ((وقال الله نصنع الإنسان على صورتنا كشبهنا)) (١١٣) ، كان ضمير الجمع (نا) الذي تحدث به الله عن نفسه، فإن الله لم يتكلم بصيغة الجمع إلا باعتباره ثلاثة في واحد.

وإذا قالت التوراة: ((فقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا، عارفاً الخير والشر)) (١١٤) ، كان المتكلم هو الله ممثلاً في أقانيمه الثلاثة.

وإذا قالت التوراة: ((منذ وجوده أنا هناك.. ولأن السيد الرب أرسلني وروحه)) (١١٥) ، فمفهوم هذا أن ضمير (نا) يشير إلى الابن، و ((السيد الرب)) يشير إلى الأب، ((وروحه)) هو روح القدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>