ولكن الناظر والمدقق في منطوق هذه النصوص ومفهومها يلاحظ أنه لا يوجد فيها ما يؤيد معتقدهم، فقد ضلوا في الوصول إلى الحق المراد منها، فكان ذلك سبب ضلالهم، لأنهم اعتمدوا على الألفاظ المتشابهة المنقولة عن الأنبياء، وعدلوا عن الألفاظ الصريحة المحكمة وتمسكوا بها، وهم كلما سمعوا لفظاً لهم فيه شبهة تمسكوا به وحملوه على مذهبهم، وإن لم يكن دليلاً على ذلك، والألفاظ الصريحة المخالفة لذلك، إما أن يفوضوها، وإما أن يتأولوها كما يصنع أهل الضلال يتبعون المتشابه من الأدلة العقلية والسمعية، ويعدلون عن المحكم الصريح من القسمين (١١٠) .
وسنذكر بعض الأمثلة عن تأويلهم قضايا عقدية أخرى غير قضية الروح القدس، تبين منهجهم في التأويل وصرف المعنى عن دلالته الصريحة الواضحة، إلى تأويلات باطلة، ولكنها حسب منهجهم صحيحة طالما أنها تؤدي إلى مطلوبهم كما يعتقدون، ومن هذه الأمثلة على تأويلهم لنصوص كتابهم المقدس، مايأتي:
المطلب الأول: تأويل نصوص التوراة:
يزعم القس بوطر في رسالة صغيرة، سماها الأصول والفروع، ان الله عز وجل بعد أن خلق الإنسان لبث حيناً من الدهر لا يعلن له سوى ما يختص بالوحدانية لله من خلال التوراة، ويزعم أن المدقق فيها يرى إشارات وراء الوحدانية، يعني على زعمه أنها تدل على عقيدتهم في التثليث الأب والابن والروح القدس وغير ذلك من المعتقدات التي تأولوا نصوص التوراة للتدليل عليها.