للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن لا نسلم هذه النسبة إلى أبي بكر الأصم، فإن عبارته لا تفيد ذلك، فقد علّق القول بعدم الوجوب على وجود التناصف، وهو ما جعل البعض ينسب إليه القول بوجوب نصب الإمام في حال عدم التناصف (١) .

ولكن ما دام التناصف دون سلطة سياسية غير ممكن في الواقع وإن كان ممكناً عقلاً لا نستطيع أن ننسب إلى الأصم القول بعدم وجوب نصب إمام، وهذا ما فهمه القاضي عبد الجبار المعتزلي وصرح به إذ علق على عبارة الأصم قائلاً: ((والمعلوم من حال الناس خلاف ذلك، فإذن عُلم من قوله أن إقامة الإمام واجب)) (٢) .

وعلى هذا يمكن القول بعدم وجود دليل يسلم من الطعون للقائلين بعدم وجوب نصب إمام، وهم النجدات من الخوارج، ولا لمن قال بعدم وجوبه حال الفتن، وهو هشام الفوطي، ولا لمن قال بعدم وجوبه حال تناصف الناس، وهو الأصم، على التسليم بأن عبارته تفيد ذلك.

وهنا يمكن الاستدلال بإجماع الصحابة رضي الله عنهم على وجوب نصب إمام؛ إذ لم ينقل أن أحداً منهم ذهب إلى عدم وجوب نصب إمام. قال الجويني: ((وأما أصحاب رسول الله ش فقد رأوا البدار إلى نصب الإمام حقاً، فتركوا لسبب التشاغل به تجهيز رسول الله ش ودفنه مخافة أن تتغشاهم هاجمة محنة)) (٣) .


(١) الإيجي، المواقف، ج٨، ص ٣٤٥، مصدر سابق، التفتازاني، شرح مقاصد الطالبين، ص ٢٠٠، مصدر سابق، والرازي، فخر الدين بن محمد بن عمر، الأربعين في أصول الدين، حيد آباد، ١٣٥٣ هـ، ط١، ص ٤٢٧.
(٢) الهمذاني، عبد الجبار بن أحمد، المغني في أبواب التوحيد والعدل، تحقيق عبد الحليم محمود وسليمان دنيا، ١٩٦٦ م، ج٢٠، قسم١، ص ٤٨.
(٣) الجويني، غيان الأمم، ص ٥٤، مصدر سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>