فصل: إذا تنازع العاملان جاز إعمال أيهما شئت باتفاق١، واختار الكوفيون الأول لسبقه، والبصريون الأخير لقربه٢.
فإن أعملنا الأول في المتنازع فيه أعملنا الأخير في ضميره، نحو:"قام وقعدا، أو وضربتهما، أو مررت بهما، أخواك"، وبعضهم يجيز حذف غير المرفوع؛ لأنه فضلة، كقوله٣:[الكامل]
٢٤٢- بعكاظَ يُعشِي الناظريـ ... ـن إذا هم لمحوا شعاعُهْ٤
ولنا أن في حذفه تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه، والبيت ضرورة.
١ أي من البصريين والكوفيين، فقد سمع عن العرب إعمال كل منهما، والخلاف بينهما إنما هو في المختار لا في أصل الجواز. ٢ ما جاء من التنازع في آي القرآن الكريم، وفي الحديث الشريف، جارٍ على إعمال العامل الأقرب إلى المعمول، فقوله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} العامل في "كتابيه" هو اقرؤوا؛ إذ لو كان العامل هو "هاؤم" لكان يقال: هاؤم اقرؤوه كتابيه. ومثله قوله تعالى: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} . وهذا يرجح رأي البصريين الذين يعملون الأخير لقربه. ٣ القائل: هو عاتكة بنت عبد المطلب، عمة النبي -صلى الله عليه وسلم-. ٤ تخريج الشاهد: هذا بيت من قصيدة، تقولها عاتكة بنت عبد المطلب، رواها أبو تمام في ديوان الحماسة تصف فيها سلاح قومها، وقبله قوله: سائِلْ بنا في قومنا ... وليَكْفِ من شر سماعُه قيسًا، وما جمعوا لنا ... في مجمع باقٍ شناعُه فيه السنوَّر والقنا ... والكبش ملتمع قناعُه والشاهد من شواهد: التصريح: ١/ ٣٢٠، والأشموني: "٤١٩/ ١/ ٢٠٦"، وابن عقيل: "١٦١/ ٢/ ١٦٥"، والمقرب: والعيني: ٣/ ١١، والهمع: ٢/ ١٠٩، والدرر: ٢/ ١٤٢ ومغني اللبيب: "١٠٣٣/ ٧٩٧" وشذور الذهب: "٢٢٧/ ٥٤٩"، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي: ٤٧٣. المفردات الغريبة: عكاظ: موضع بناحية مكة كانت تقام فيه سوق للعرب في الجاهلية كل سنة، تمكث شهر ذي القعدة، يتبايعون فيه، ويتناشدون الأشعار ويتفاخرون، فلما جاء الإسلام هدم ذلك كله. يعشي: مضارع "أعشاه" إذا أصابه بالعشا؛ وهو ضعف =