كان مبتدأ، ولأن الفعل لا يؤنث له في نحو:"مُرَّ بِهِنْدٍ".
ولنا قولهم:"سير بزيد سيرا" وأنه إنما يراعى محل يظهر في الفصيح، نحو:"لست بقائمٍ ولا قاعدًا" بخلاف نحو: "مررت بزيد الفاضلَ" بالنصب، أو:"مُرَّ بزيد الفاضلُ" بالرفع، فلا يجوزان؛ لأنه لا يجوز:"مررت زيدًا" ولا: "مُرَّ زيدٌ" والنائب في الآية ضمير راجع إلى ما رجع إليه اسم كان، وهو المكلف، وامتناع الابتداء؛ لعدم التجرد، وقد أجازوا النيابة في:"لم يضرب من أحد" مع امتناع: "من أحد لم يضرب" وقالوا في: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} ١: إن المجرور فاعل مع امتناع: "كَفَتْ بِهند"٢.
١ "٤" سورة النساء، الآية: ٧٩. موطن الشاهد: {كَفَى بِاللَّهِ} . وجه الاستشهاد: مجيء الفاعل "لفظ الجلالة" مجرورا بالباء الزائدة؛ لأن الأصل: كفى اللهُ شهيدًا. ٢ هذا رد للشبهة الرابعة، وهي أن الفعل لا يؤنث للجار والمجرور كما في "مر بهند"، فقد امتنع أن يقال: "كفت بهند" بالتأنيث مع أن الفاعل في الآية مجرور بحرف جر زائد؛ فمن باب أولى إذا جر بحرف جر أصلي. ضياء السالك: ٢/ ٤٢، وشرح التصريح: ١/ ٢٨٧-٢٨٨. فائدة: احتج المانعون نيابة "الجار والمجرور" عن الفاعل بأربعة أدلة هي: أ- لو جاز للجار والمجرور أن يكون نائب فاعل؛ لجاز أن يجيء التابع للمجرور صفة، أو عطف بيان مرفوعا. ب- إن "الجار والمجرور" يتقدم على العامل الذي يتطلب نائب فاعل، كما في الآية الكريمة: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} ، ولو كان نائبا عن الفاعل، لما جاز له أن يتقدم على العامل فيه؛ كما أن الفاعل، لا يجوز أن يتقدم على الفعل والعامل فيه. ج- إن "الجار والمجرور" إذا تقدم على العامل، لا يصح جعله مبتدأ؛ فلما لم يصح جعله مبتدأ إذا تقدم، فلا يجوز أن يجعل نائبا عن الفاعل. د- إن الفعل لا يؤنث إذا كان المجرور مؤنثا نحو "مُرَّ بهند"، ولو كان الجار والمجرور ينوب عن الفاعل؛ لوجب تأنيث الفعل؛ لأن نائب الفاعل يأخذ حكم الفاعل في تذكير الفعل وتأنيثه.