للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمة الله من لوازم ذاته

وإذا ثبت أنه حكيم، وأن حكمته لازمة لعلمه، ولازمة لإرادته، وهما لازمان لذاته، كانت حكمته من لوازم ذاته؛ فيمتنع أن يفعل إلا لحكمة وبحكمة، ويمتنع أن يفعل على خلاف الحكمة.

ومعلومٌ بصريح العقل أن العلم خير من الجهل، والصدق خير من الكذب، والعدل خير من الظلم، والإصلاح خير من [الإفساد] ١. ولهذا وجب [اتصافه تعالى بالرحمة، والعلم، والصدق] ٢، والعدل، والإصلاح، دون نقيض ذلك.

وهذا ثابت في خلقه وأمره؛ فكما أنه في خلقه عادلٌ حكيمٌ رحيمٌ، فكذلك هو في أمره وما شرعه من الدين، فإنه لا يكون إلا عدلاً، وحكمةً، ورحمةً، ليس هو كما تقول الجهمية المجبرة، ومن اتبعهم من أهل الكلام والرأي: إنّه يأمر العباد بما لا مصلحة لهم فيه إذا فعلوه، وإن ما أمر به لا يجب أن يفعل على حكمة، وينكرون تعليل الأحكام، أو يقولون إن علل الشرع أمارات محضة٣. فهذا كله باطلٌ، كما قد بسط في مواضع٤.

البراهين اليقينية على أن الله لا يفعل خلاف الحكمة والعدل ولا يسوي بين الصادق والكاذب

بل ما يأمر به مصلحة لا مفسدة، وحسن لا قبيح، وخير لا فساد، وحكمة وعدل ورحمة، والحمد لله رب العالمين؛ فإذا قُدّر رجلان ادعيا على الرب الرسالة، أو توليا على الناس، أو كانا من عرض الناس؛ أحدهما


١ ما بين المعقوفتين ساقط من ((خ)) .
٢ في ((خ)) : وجب اتصاف الرحمة بالعلم والصدق. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ انظر: الإنصاف للباقلاني ص ٧٤-٧٥. والمواقف للإيجي ص ٣١٤-٣١٥، ٣٢٣. وشرح جوهرة التوحيد للبيجوري ص ١٠٨.
٤ انظر: شرح الأصفهانية ٢٦١٨. ومجموع الفتاوى ٨٤٣٣-٤٣٤، ٤٦٦-٤٦٨ ومنهاج السنة ٣٨٨-٩٠، ١٧٧. وانظر ما سبق في هذا الكتاب، ص ٤٠٨-٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>