للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضع١، [و] ٢ بُيِّن أنّ العالم يعلم ما الذي يصلح أن يفعل، وأنّ فِعلَ هذا، أولى من فعل هذا. وإذا كان مريداً للفعل، وقد علم أن الفعل على هذا الوجه هو الأصلح، امتنع أن يريد الوجه الآخر.

والإنسان لا يريد القبيح إلا [لنقص] ٣ علمه. أمّا أن يفعل بلا علم، بل لمجرد الشهوة، أو يظنّ خطأ؛ فيظن أن هذا الفعل يصلح، وهو لا يصلح، فإنّما يقع القبيح في فعله لفعله مع الجهل البسيط أو المركب٤.

والربّ منزه عن هذا وهذا، فيمتنع أن يفعل القبيح.

إثبات الإرادة يستلزم إثبات الحكمة

وأيضاً فإنه قد ثبت أنه مريد، وأنّ الإرادة تخصص المراد عن غيره، وهذا إنّما يكون إذا كان التخصيص لرجحان المراد؛ إمّا لكونه أحب إلى المريد وأفضل عنده. فأما إذا ساوى غيره من كل وجه امتنع ترجيح الإرادة له، فكان إثبات الإرادة مستلزماً إثبات الحكمة٥، [وإلا] ٦ لم تكن الإرادة.

فقد تبين ثبوت حكمته من جهة علمه، ومن جهة نفس أفعاله المتقنة المحكمة، التي تدل على علمه بالاتفاق.

وهذه أصول عظيمة من تصوّرها تصوراً جيداً، انكشف له حقائق هذا الموضع الشريف٧.


١ انظر: مجموع الفتاوى ١٦١٣٠-١٣٣. وبيان تلبيس الجهمية ١١٧٨-١٨٤، ٢٠٣-٢٠٤. ودرء تعارض العقل والنقل ٣٦٣،، ٩١١١.
٢ ما بين المعقوفتين ساقط من ((ط)) .
٣ في ((خ)) : لفعل. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ سبق التعريف بهما. انظر ص ٧٦٣ من هذا الكتاب.
٥ انظر ما سبق في هذا الكتاب، ص ٥٠٦-٥٠٧.
٦ في ((خ)) رسمت: والم.
٧ وهو إثبات حكمة الله سبحانه وتعالى التي نفاها المتكلمون والفلاسفة، وخاضوا في أفعال الله وأحكامه وصفاته بالباطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>