خيرٌ من هؤلاء، وفي كلامه أشياء حسنة صحيحة، وأشياء كثيرة باطلة، والله سبحانه [وتعالى] ١ أعلم.
الوجه الثاني من أوجه الرد على الفلاسفة
الثاني: أنّ صلاح النفس في محبّة المعلوم المعبود؛ وهي عبادته، لا في مجرد علم ليس فيه ذلك، وهم جعلوا غاية النفس التشبّه بالله على حسب الطاقة٢، وكذلك جعلوا حركة الفَلَك للتشبّه به٣. وهذا ضلال عظيم؛ فإنّ جنس
١ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) . ٢ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إنّ هؤلاء جعلوا غاية الإنسان وكماله في مجرّد أن يعلم الوجود، أو يعلم الحقّ؛ فيكون عالماً معقولاً مطابقاً للعالم الموجود، وهو التشبّه بالإله على قدر الطاقة، وجعلوا ما يأتي به من العبادات والأخلاق إنّما هي شروط وأعوان على مثل ذلك، فلم يُثبتوا كون الربّ تعالى معبوداً مألوهاً يُحَبّ لذاته، ويكون كمال النفس أنها تُحبّه؛ فيكون كمالها في معرفته ومحبّته، بل جعلوا الكمال في مجرّد معرفة الوجود عند أئمتهم، أو في مجرّد معرفته عند من يقرب إلى الإسلام منهم". درء تعارض العقل والنقل ٦٥٧. وكذا قال رحمه الله في موضع آخر - بعد أن ذكر محبة الله لعباده، ومحبتهم له: "ومن نفى الأولى من الجهميّة والمعتزلة ومن وافقهم، فقد أخطأ. ومن نفى الثانية من المتفلسفة والمتصوفة على طريقتهم فقد أخطأ. مع أنّ هؤلاء المتفلسفة لا يُثبتون حقيقة الأولى، فإنّهم لا يُثبتون أنّ الربّ تُحبّه الملائكة والمؤمنون، وإنّما يجعلون الغاية تشبّههم به، لا حبّهم إياه. وفرقٌ بين أن تكون كوَّن هذا مثل هذا، وبين أن تكون الغاية كون هذا يُحبّه هذا محبّة عبوديّة وذلّ. ولهذا قالوا: "الفلسفة هي التشبّه بالإله على قدر الطاقة". ولهذا كان مطلوب هؤلاء إنّما هو نوع من العلم والقدرة الذي يحصل لهم به شرف. فمطلوبهم من جنس مطلوب فرعون، بخلاف الحنفاء الذين يعبدون الله محبة له وذلاً له". درء تعارض العقل والنقل ٦٦٩-٧٠. وانظر: المصدر نفسه ٦٧٠، ٣٢٦٩. وانظر: شرح الطحاوية ١٨٨. ومجموع الفتاوى ٧٥٣٦، ١٧٣٢١. والجواب الصحيح ٦٣٢-٣٧. وجامع الرسائل ٢٢٥١-٢٥٢. ٣ انظر: مجموع الفتاوى ١٧٣٢٩.