للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باقية بأعيانها. وقال بعضهم: بل يُعدمها، ويُعدم الأعراض القائمة بها، ثمّ يُعيدها، وإذا أعادها فإنّه يُعيد تلك الجواهر التي كانت باقية، إلى أن حصلت في هذا الإنسان.

اضطرابهم في جواهر المأكول إذا أُعيدت من الآكل

فلهذا اضطربوا لما قيل لهم: فالإنسان إذا أكله حيوان آخر، فإن أُعيدت تلك الجواهر من الأول، نقصت من الثاني، وبالعكس. أما على قول من يقول إنّها تُفرّق ثمّ تجمع، فقيل له: تلك الجواهر إن جمعت للآكل، نقصت من المأكول، وإن [أُعيدت] ١ للمأكول، نقصت من الآكل٢.

وأما الذي يقول: تُعدم ثمّ تُعاد بأعيانها، فقيل له: أتُعدم لما أكلها الآكل، أم قبل أن يأكلها؟ فإن كان بعد أن أكلها؛ فإنّها تُعاد في الآكل، فينقص المأكول. وإن كان قبل الأكل، فالآكل لم يأكل إلا أعراضاً، لم يأكل جواهر. [فهذا] ٣ مكابرة. ثمّ إنّ المشهور أنّ الإنسان يبلى ويصير تراباً كما خُلق من تراب، وبذلك أخبر الله. فإن قيل: إنّه إذا صار تراباً عُدمت تلك الجواهر؛ فهو لما خُلق من تراب عُدمت أيضاً تلك الجواهر. فكونهم يجعلون الجواهر باقية في جميع الاستحالات - إلا إذا صار تراباً - تناقضٌ بيِّن، ويلزمهم عليه الحيوان المأكول، وغير ذلك.

وكأنّ هذا الضلال [أصل] ٤ ضلالهم في تصوّر الخلق الأوّل، والنشأة


١ في ((ط)) : أعقيدت. وما أثبت من ((خ)) ، و ((م)) .
٢ وقد بحث شيخ الإسلام رحمه الله هذه المسألة في مواضع أخرى. انظر: مجموع الفتاوى ١٧٢٤٧، ٢٥٧. وانظر: هذه المسألة في شرح الطحاوية ص ٥٢٣. وفي لوامع الأنوار ٢١٦٠.
٣ في ((خ)) : وهذا. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ في ((خ)) : أصله. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>